حالة من التوتر تخيم على العلاقات بين روسياوتركيا بسبب ممارسات وتصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول إدلب، وتهديد تركيا بقصف القوات السورية في الشمال السوري. ودعت وزارة الخارجية الروسية، مساء أمس الخميس، تركيا للكف عن إصدار بيانات استفزازية حول الأحداث الجارية في سوريا وسط تصاعد حدة التوتر بشأن الأوضاع في محافظة إدلب. تصريحات غير مسؤولة وقالت الوزارة، في بيان لها، إنها "تشعر بالارتباك" من التصريحات التي أدلى بها زعيم الحزب القومي، شريك حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الحكم، والتي حاول فيها، على حد وصف الوزارة، تحميل روسيا والحكومة السورية مسؤولية مقتل جنود أتراك في سوريا. أنقرة سبب تدهور الأوضاع وقالت وزارة الخارجية الروسية والكرملين الروسي في بيان مشترك لهما أيضًا، إن أنقرة هي سبب تدهور الأوضاع في إدلب، ونقلا عن وكالة سبوتنيك تركي، قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا، إن الوضع في إدلب قد ساء لأن أنقرة لم تُوفِ بالتزاماتها بشكل مزمن. وذكرت "زخاروفا"، أنهم يتوقعون مواصلة العمل مع تركيا لحل المشكلة في إدلب، وأنهم يعملون على إعداد برنامج لهذا الأمر. كما قالت زخاروفا: "نتوقع من ممثلي روسياوتركيا مواصلة جهودهم لإيجاد حل شامل لمشكلة إدلب في الفترة المقبلة"، حيث كان الوفد الروسي في أنقرة مؤخرًا، وحاليًا يتم إنشاء جدول الاتصالات الجديدة بين المؤسسات، وسيتم إلقاء بيان متعلق بهذا الموضوع. تهديدات أردوغان تؤجج الموقف ويواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تهديداته بشن عدوان على قوات الجيش السوري، في شمال سوريا، إذا ما أصيب أي جندي تركي، موضحًا أنهم سوف يستخدمون القوة الجوية في شن هجمات على المنطقة، وتمثل تهديدات أردوغان بمثابة انعكاس صريح لرغبته في انتهاك السيادة السورية، في إطار دعمه اللامتناهي للميليشيات الإرهابية، ورغبته في إحيائها، لتكون ذراعًا له في سوريا بالمستقبل. وقال أردوغان إن بلاده ستضرب قوات الحكومة السورية في أي مكان بشمال سوريا إذا أصيب أي جندي تركي آخر وإنها قد تستخدم القوة الجوية. وقال أردوغان في أنقرة: إن تركيا عازمة على طرد قوات الحكومة السورية إلى ما وراء مواقع المراقبة التركية في منطقة إدلب بشمال غرب سوريا بنهاية فبراير، وأضاف: "سنقوم بكل ما يلزم على الأرض وفى الجو دون تردد". تركيا لم تف بالتزاماتها من جهته، أكد السفير الروسي لدى أنقرة أليكسي يرخوف، أن تركيا أخفقت في الوفاء بالتزاماتها بمذكرة سوتشي وانسحاب الجماعات الإرهابية من المنطقة منزوعة السلاح في إدلب وفتح طريقي M5 وM4. واعتبر يرخوف في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك"، أن الكثيرين يلقون الآن باللوم ويرمون بكل الذنوب على روسيا و"النظام السوري" بزعم أنهما "ينتهكان" ويهاجمان ويقصفان الأهداف المدنية. وقال: "ربما تكون الحكومة في دمشق قد فقدت شرعيتها بالنسبة للبعض، لكنها لا تزال بالنسبة للبعض الآخر وهم كثيرون، حكومة شرعية معترفًا بها من قِبل عدد كبير من أعضاء المجتمع الدولي والأمم المتحدة". مذكرة سوتشي الروسية وأعاد السفير إلى الأذهان، البنود الرئيسية لمذكرة سوتشي الروسية التركية الموقعة في 17 سبتمبر 2018 حول إدلب، وقال: "هذا اتفاق ثنائي، وتعهّد الطرفان بموجبه ببعض الالتزامات. وعلى سبيل المثال، وافقت روسيا على استمرار وجود مراكز مراقبة تركية في منطقة وقف التصعيد في إدلب، والحفاظ على الوضع العسكري الراهن في المحافظة. وتركيا من جانبها، التزمت بسحب جميع الجماعات الإرهابية المتطرفة من المنطقة منزوعة السلاح التي يبلغ عرضها 15-20 كم ويتم إنشاؤها في إدلب، وكذلك جميع الأسلحة الثقيلة، بما فيها الدبابات وراجمات الصواريخ والأسلحة المدفعية". وأشار إلى أن موسكووأنقرة اتفقتا كذلك على فتح طريقي M5 وM4 شمال غربي سوريا، وقال: "لكن ما الذي حدث في الواقع؟ هل قام الأتراك بإبعاد الإرهابيين؟ هل تم فتح الطريقين؟ إذا لم تقم بتنفيذ التزاماتك، هل يحق لك أن تطالب الطرف الآخر بذلك؟ يجب أن تكون التزامات أطراف الاتفاق في وحدة جدلية، وإلا فإنه من الصعب التحدث عن شراكة متساوية". وشدد على أن الأتراك لم يقوموا بنزع سلاح المسلحين الإرهابيين ولم يفصلوا بينهم وبين "المعتدلين". ولفت إلى أن ذلك زاد من جرأة الإرهابيين الذين أخذوا اعتبارًا من الربيع الماضي، بزيادة هجماتهم المتكررة على مواقع الجيش السوري وقاعدة حميميم الروسية. هجمات المسلحين تتضاعف وفي ديسمبر ويناير 2020، كثف المسلحون هجماتهم على مواقع القوات الحكومية السورية والمدن القريبة، وبشكل أساسي على حلب، وتم تسجيل أكثر من 1400 هجمة شنوها باستخدام الدبابات وعربات المشاة وقذائف الهاون والمدفعية. وختم السفير بالقول: "في أواسط يناير، قمنا مع الأتراك بمحاولة جديدة لإعلان وقف النار في إدلب. ولكن في الأسبوعين الأخيرين من يناير، تم تسجيل أكثر من ألف هجمة جديدة، وبلغ عدد القتلى في صفوف الجيش السوري والمدنيين بالمئات، فيما لم تتوقف محاولات مهاجمة قاعدة حميميم بالطائرات المسيرة، كل ذلك أدى إلى نفاد صبر الجيش السوري واندفاعه لاستعادة أراضي بلاده".