شارك مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في القمة العالمية لزعماء الأديان، في دورتها الثانية الذي استضافته العاصمة الأذربيجانية باكو في الفترة ما بين 14- 15 نوفمبر 2019م بحضور كبار الشخصيات والقيادات الدينية وصانعي السياسات والاختصاصيين الاجتماعيين والعلميين من مختلف البلدان وممثلي أكثر من 70 دولة من 5 قارات و25 ديانة وفلسفات تقليدية وحوالي 500 ممثل رفيع المستوى من 10 منظمات دولية مؤثرِّة بما في ذلك رؤساء وقيادات دينية في الاتحاد الروسي. وجاء ذلك برعاية الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، الذي افتتح المؤتمر بهدف تطوير الحوار بين الأديان وتعزيز وتطور القيم الإنسانية مثل التفاهم المتبادل والتضامن الإنساني وتطوير مساهمتهم في تعزيز العلاقات بين الثقافات والأديان وتنمية العلاقات المتبادلة بين الثقافات والأديان المختلفة. وألقى فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، الأمين العام لمركز الحوار العالمي، كلمةً في الجلسة الافتتاحية للقمة استهلها بشكر الإخوة في جمهورية أذربيجان على دعوة مركز الحوار العالمي للمشاركة، والتي أتاحت مخاطبة هذا الجمع الكبير من الأفراد والقيادات الدينية وصانعي السياسات برعاية فخامة رئيس الجمهورية الأذرية وإشراف فضيلة شيخ الإسلام شكر الله باشا زاده رئيس إدارة مسلمي القوقاز. تجاوز المسافات: وأوضح أن الحوار العالمي بين أتباع الأديان والثقافات، يشكّل محورًا رئيسًا، ومهمًّا في المنتدياتِ العالمية؛ لمعالجة القضايا الدولية، بوصفه ميدانًا، بالغ التأثير بين دول العالم وشعوبها، لافتًا إلى أنه بالرغم مما أحدثته العولمة وشبكات التواصل من تقارب وانفتاح وتواصل بين الحضارات، برزت ميادين خطيرة تستغل الدين والسياسة؛ لنشر التطرّف والتعصب والكراهية وبناء جدران من الرعب والخوف من الآخر. وأشار ابن معمر إلى أن الأخيار في العالم قد اكتشفوا أن مهمة تجاوز المسافة بين تنظير الحوار وبين الواقع المؤلم المكرِّس للعنف والتطرف والكراهية، هي إحدى أهم السياقات والمسارات والتحديات المطروحة للنقاش؛ لإعادة اكتشاف المنابع الأخلاقية للعيش المشترك؛ ومعالجة ما عجزت عنه الحلول الأمنية والسياسية، والوقاية من آفات التعصب والتطرف والكراهية. وكشف ابن معمر، عما شهده هذا العصر، من مبادرات غير مسبوقة في مجال الحوار بين أتباع الأديان والثقافات ومنها المبادرة العالمية التي أطلقها الفاتيكان عام 1962- 1965 (ناسترا تاتا) والمبادرة العالمية التي أطلقتها المملكة العربية السعودية عام 2005م نيابة عن العالم الإسلامي؛ ونتج عنها تأسيس مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين اتباع الأديان والثقافات (كايسيد)، الذي يحظى برعاية ودعم المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وإسبانيا والنمسا والفاتيكان ويتكون مجلس إدارته من قيادات دينية من المسلمين والمسيحيين واليهود والبوذيين والهندوس، كأول منظمة حوار دولية، من بين (350) منظمة حوارية في العالم، تختص بمهام فريدة، منها: تفعيل دور الأفراد والقيادات والمؤسسات الدينية لمساندة صانعي السياسات في بناء السلام وترسيخ العيش المشترك، وبناء الجسور خاصةً مع المنظمات الدولية؛ بهدف تحقيق نتائج إيجابية؛ نظرًا لما يمتلكه القيادات الدينية وصانعو السياسات من أدوات وموارد مختلفة لمساندة تلك الجهود. جهود المركز العالمي للحوار: واستعرض جهود المركز العالمي للحوار، مع المنظمات الدولية، التي أثمرت عن إعداد برامج ومبادرات مشتركه للحوار في قضايا عالمية متنوعة، ومنها مؤسسات الأممالمتحدة وخصوصًا تحالف الحضارات بقيادة الوزير موارتينوس ومكتب الأممالمتحدة المعني بمنع الإبادة الجماعية والمسؤولية عن الحماية، بقيادة المستشار أدما ديونغ وصندوق الأممالمتحدة للسكان والاتحاد الإفريقي، ومنظمة اليونسكو، ومنظمة التعاون الإسلامي والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، ، وعضوية المجموعة الأساسية في شبكة صانعي السلام الدينيين والتقليديين والشراكة الدولية للدين والتنمية المستدامة، وغيرها من المؤسسات الدولية والمحلية للعمل عبر عددٍ من المحاور، للتوكيد على النهج الشامل المستدام والسلمي؛ لإيجاد حلول دائمة للتحديات المشتركة على المدى الطويل. وتابع: انطلاقًا من القناعة بأن ال84% من سكان العالم لهم انتماء ديني يؤكد أهمية تفعيل دور الأفراد والقيادات والمؤسسات الدينية، لمساندة صانعي السياسات لبناء السلام، مشيرًا إلى تعزيز تعاون القيادات الدينية وصانعي السياسات، للمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030م، جنبًا إلى جنب مع إيمان المركز العالمي للحوار بأهمية الدور، الذي تنهض به القيم الدينية في ترسيخ العيش المشترك؛ حيث ينهض المجتمع بجميع فئاته وانتماءاته الدينية، بدور مهم في تشكيل الرأي العام على مستوى العالم؛ لمساندة صانعي السياسات. وقال: ترسّخ رؤيتنا للدين كجزءٍ من الحل وليس سببًا للمشكلة التي تواجهها المجتمعات اليوم وكما يصوره بعض الساسة والإعلاميين، ومكافحة استغلال المتطرفين والإرهابيين للتعاليم الدينية؛ لنشر التطرف والكراهية وارتكاب العنف والأعمال الإرهابية. باسم الدين، والدين منها براء، وفي هذا الخصوص؛ أطلق المركز عددًا من البرامج والمبادرات والمنصات الحوارية العالمية التي تهدف إلى بناء السلام وتعزيز التماسك الاجتماعي في مناطق مختلفة من العالم في: أوروبا وإفريقيا وآسيا والمنطقة العربية. وختم ابن معمر، كلمته بالتوكيد على النجاحات التي تحقّقت على صعيد القمة العالمية الثانية لقادة الأديان، ونتائجها الملموسة على أرض الواقع، التي تشدّد على أدوار الأفراد والقيادات والمؤسسات الدينية لمساندة صانعي السياسات وما يؤكد ذلك هو رعاية الرئيس الأذربيجاني لهذا المؤتمر الدولي وتنامي اهتمام قادة العالم بالحوار بين أتباع الأديان والثقافات ونتائجه الملموسة في ترسيخ العيش المشترك واحترام التنوع وقبول التعددية والمحافظة على المواطنة المشتركة، متمنيًا للقمة النجاح والتوفيق ولدولة أذربيجان، التقدم والرفاهية.