ما إن يرفع آذان المغرب في شهر رمضان المبارك، يشرع الصائمون في تناول وجبة الإفطار في لحظة يجتمع فيها أجْرَا الصوم والإفطار ،يقول عليه أفضل الصلاة والسلام : “للصائم فرحتان ، فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ” فالفرحة الأولى فطرية غريزية لسد الجوع والعطش أما الثانية فهي الفرحة الكبرى عند لقاء ربه الرحيم سبحانه . ولنبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – هدي في تناول الإفطار إذ كان يعجل بالفطر ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ) ، ويبدأ بالتمر وكان يفضل اللين منه ” الرطب ” ،عن أنس – رضى الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يفطر قبل أن يصلي على رُطَبَاتٍ فإن لم تكن رطبات فتميرات فإن لم تكن تميرات حَسا حَسَوات من الماء . الدراسات المتخصصة في مجال التغذية أثبتت أن ” التمر ” من أفضل ما يستفتح به الصائم إفطاره لاحتوائه على المعادن والألياف والسكريات الطبيعية التي تمد الجسم بالطاقة، كما أن شرب الماء مفيد للغاية تعويضًا لما فقده الجسم من سوائل وتنشيطاً للدورة الدموية. وبهدف توعية المجتمع أدرجت وزارة الصحة عبر حسابها في تويتر جملة من النصائح والإرشادات الغذائية للصائم ،فأوصت باختيار الأطعمة الغنية بالسوائل من الخضار والفواكه والحرص على تناول النشويات المعقدة مثل الخبز الأسمر لأن الجسم يمتصها ببطء وتحافظ على مستوى السكر في الدم. ولأن الصائم يقضي نهاره ممسكًا عن الطعام والشراب ما بين 14 – 15 ساعة يوميًا، وجب عليه الاهتمام بالطعام الخفيف ومن أصنافه الحساء لسهولة هضمه ومنافعه الغنية بالسوائل والفيتامينات خاصة إذا كان معدًا من الخضار أو البقوليات، كذلك الاهتمام بتنوع الوجبة واحتوائها على البروتينات ومنها اللحوم والبيض ومنتجات الألبان لدورها في بناء الخلايا ومنح الشعور بالشبع لوقت أطول . ولصحة أفضل دعت وزارة الصحة إلى اجتناب أو تقليل تناول العصائر المركزة والمعلبة والمنتجة على شكل بودرة لأن فوائدها أقل وتحتوي على نسبة عالية من السكر والألوان الصناعية والنكهات ولا يوجد بها أي نسب من العصائر الطبيعية، واستبدالها بالطبيعية لقيمتها الغذائية العالية، إضافة إلى الابتعاد عن الطعام المقلي والاستعاضة عنه بالمشوي لانخفاض سعراته الحرارية إلى النصف . الإرشادات الطبية لخصت بعض الأنماط الغذائية السيئة التي تصاحب وجبة الإفطار وقد تمتد طيلة المساء منها الإكثار من تناول المنبهات مثل الشاهي والقهوة لكون مادة الكافيين مدرة للبول ،كذلك الأطعمة ذات الأملاح العالية لما تسببه من عطش شديد بعد الإمساك في حين أن الموصى به للشخص 5 جرامات يومياً . ومن جملة ما يُنصح به تنظيم وجبات الطعام على مدار الليلة بدءًا بالإفطار ومن ثم وجبة خفيفة لحين وقت السحور بحيث تحقق القيمة الغذائية في نوعية المأكول والأوقات المتباعدة ليكون الجسم بكامل طاقته ليؤدي فرائضه وأعماله بشكل طبيعي ,تدعم ذلك ممارسة النشاط الرياضي اليومي بهدف التخلص من السعرات الحرارية الزائدة. ومراعاة لكبار السن القادرين على الصيام , أكد مختصو التغذية بوزارة الصحة أهمية اختيار الطعام المتوازن لهم وبما يتناسب مع قدرتهم على المضغ. المضامين التوعية لوزارة الصحة شملت توجيه الصائمين في حالة أداء العمرة إلى الاهتمام بالنظافة الشخصية وتجنب الوجبات المكشوفة وتناول الطازج المنوع وقاية من النزلات المعوية . ومع انقضاء شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار ، ينصح المختصون في مجال التغذية ،الصائم بتهيئة المعدة بشكل تدريجي صباح العيد بدءًا بتناول كميات قليلة وتجنب الأطعمة الدسمة وعدم الإفراط في تناول الحلْويات لارتفاع سعراتها الحرارية والسكريات والدهون ولنا في رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الأسوة الحسنة إذ كانت سنته – عليه أفضل الصلاة والسلام – أخذ تمرات قبل صلاة العيد . ولعل من أهم ما نجنيه من مدرسة شهر رمضان في الجانب الصحي المحافظة على الفوائد الغذائية المحققة وعدم إهدارها باتباع أنماط غير صحية.