رسائل قاسية تلك التي وجهتها نتائج الانتخابات البلدية التي جرت في تركيا منذ أيام، ولا زالت تداعياتها تعصف بحزب العدالة والتنمية ورئيسه رجب طيب أردوغان. كان فوز المعارضة في المدن الكبرى الأساسية والتي تعد شريان البلاد صفعة على وجه الرئيس التركي واعتراضًا صريحًا على سياساته التي رهنت مصير الأتراك لمعارك خارجية بهدف صناعة مجد شخصي. جاء انتقام الجماهير قاسيًا إذ لم يعد يجدي معهم نفعًا حيل شراء الذمم والأصوات بالبصل والطماطم والباذنجان ولم تعد الشعارات الرنانة تخيل عليهم. خسارة المدن الكبرى: في المدن الكبرى ذات الثقل التاريخي لحزب العدالة والتنمية قالها الأتراك بصوت عالٍ “لم نعد نريدك” لا أنت ولا حزبك . وقد خسر الحزب الذي يحكم البلاد منذ عقد ونصف العقد (العدالة والتنمية) والذي يترأسه أردوغان العواصم الكبرى أنقرةوإسطنبول وإنطاليا وأضنة وأزمير، حيث تشكل الهزيمة في هذه المدن صدمة لأردوغان رئيس بلدية إسطنبول سابقًا، والذي فاز مرارًا في الانتخابات. وتمثل الإنجاز الأقوى للمعارضة التركية في فوز مرشحي حزب الشعب الجمهوري المعارض في أنقرةوإسطنبول حيث احتدمت المنافسة بين تحالف الأمة الذي يتألف من حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة في البلاد وحزب الخير القومي المحافظ الذي أسس حديثًا وبين تحالف الشعب الذي يشمل الحزب الحاكم بزعامة أردوغان وحزب الحركة القومي بزعامة دولت باهتشيلي. بزوغ نجم سياسي جديد: صُدمت الأوساط السياسية التركية بأكملها بفوز مرشح المعارضة إكرام إمام أوغلو وظهوره البارز في السباق على لقب عمدة إسطنبول. وأبرز فوز إمام أوغلو مكاسب المعارضة ضد حزب أردوغان القوي التمويل ليتربع على رأس أهم مدن تركيا اقتصادياً وسياسياً. وتفوق أكرام أوغلو على رئيس الوزراء التركي السابق بن علي يلدريم الذي وضعه أردوغان لحسم معركة الانتخابات في عاصمة تركيا التجارية الأكثر أهمية بيد أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن. وانتزع إمام أوغلو المقعد الأهم في الانتخابات البلدية بالحصول على 4159650 صوتًا مقابل4131761 صوتًا ليلدريم مرشح العدالة والتنمية. انتكاسة أردوغانية: ويشكل إمام أوغلو الذي سطع نجمه تهديدًا صريحًا وقويًا على أردوغان في الانتخابات الرئاسية بعد أعوام إذ يتمتع بكاريزما عالية وله مسيرة سياسية مثيرة للاهتمام بدأها بمسيرة أكثر نجاحًا في عالم إدارة الأعمال حيث قام بإدارة شركة خاصة بأعمال البناء وقام بتأسيس وإدارة نادي طرابزون سبور لكرة القدم الذي أصبح في فترة قياسية أحد أفضل الأندية في الدوري التركي الممتاز. وتعد هذه الخسارات في كل من أنقرةوإسطنبول وإزمير وإنطاليا بمثابة صدمة لا تصدق بالنسبة لأردوغان وحزبه وهي تقترب أن تكون أشبه بكذبة نيسان التي رفض حزب العدالة والتنمية الاعتراف بها حتى وقت قريب. ويعد فوز المعارضة في أنقرةوإسطنبول تقويضًا لشعبية الرئيس التركي حيث يتعرض لانتكاسه كبيرة بخسارة بؤر قوية للمرة الأولى في انتخابات محلية منذ سنوات طويلة. ويهدد هذا الفوز عرش أردوغان، فإمام أوغلو الآن على الساحة ولديه الوقت الكافي وفق مراقبين لتوسيع شعبيته بحلول 2023 موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة في تركيا فهل ينسف أكرم إمام أوغلو أسطورة الرجل الذي لا يقهر؟