أصدرت المملكة بيانًا رسميًّا، أكدت فيه أن القرار الأمريكي بشأن الجولان وتبعيته لسيادة إسرائيل سيكون له آثار سلبية كبيرة على مسيرة السلام في الشرق الأوسط وأمن واستقرار المنطقة، ووصف البيان الإعلان بأنه مخالفة صريحة لميثاق الأممالمتحدة ومبادئ القانون الدولي. وتؤكد المملكة على ضرورة حفظ الأمن القومي العربي في كل المحافل الدولية، وقد أدخلت أزمة الجولان القمة العربية المرتقبة في تونس في ال31 المقبل دائرة المسؤولية لتصبح عيون العرب موجهة ناحية القمة يحبوها الأمل باتخاذ قرارات وإجراءات دولية قوية للرد على التحدي الترامبي بتبعية هضبة الجولان السورية للاحتلال، وأصبحت القمة الاعتيادية أكثر من مجرد قمة إذ علقت عليها كثير من القضايا العربية المصيرية المطروحة ومساسها بالأمن الوطني العربي ككل. وذهب مراقبون أن التوقيع الرسمي على مرسوم الاعتراف يؤكد أن الرئيس الأمريكي يثير أزمة لا تلقى إجماعًا دوليًّا ولن تمر مرور الكرام مما قد يخلق سوابق تبرر نزعات توسعية لدى دول أخرى في العالم. قرار غير ذي حيثية قانونية: يطرح ملف أزمة الجولان نفسه بقوة ليصبح على رأس أولويات القضايا التي ستناقشها القمة العربية، حيث كانت تصريحات ترامب حول سيادة الاحتلال على الجولان استفزازًا جديدًا لمشاعر الدول العربية كافة ونسفًا لقواعد القانون الدولي. قبيل انتخابات الكنيست نفذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعوده لحليفه بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي عبر توقيعه رسميًّا مرسوم الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة. وأثار القرار الأمريكي موجة رفض واسعة بإجماع دولي وتحذيرات إقليمية ودولية من تداعيات خطيرة؛ حيث إن الخطوة مثلت تحديًا لكل مواثيق القانون الدولي والمعاهدات الخاصة. وندّدت الجامعة العربية الإعلان الأمريكي معتبرة أنه خروج صريح عن القانون الدولي وأكدت على أن الجولان أرض سورية محتلة، وأن القرار الأمريكي لا ينشىء حقوقًا أو يرتب التزامات، ويعتبر غير ذي حيثية قانونية من أي نوع. وكانت دول مجلس التعاون الخليجي قد عبرت عن أسفها لتصريحات الرئيس الأمريكي بشأن هضبة الجولان، مصر أيضًا أكدت أن الجولان أرض عربية محتلة، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية. فالجولان أرض سورية محتلة بواقع القانون الدولي ومجلس الأمن وقرارات الأممالمتحدة واعتراف المجتمع الدولي فقرار مجلس الأمن 497 لعام 1981 صدر بالإجماع وأكد بصورة لا لبس فيها عدم الاعتراف بضم إسرائيل للجولان السوري، ودعا إسرائيل إلى إلغاء قانون ضم الجولان الذي أصدرته في نفس ذاك العام. تمرير الوثيقة جهل فاضح بالقانون: وفي تصريحات خاصة ل”المواطن“.. أكد الدكتور أيمن سلامة- خبير حفظ السلام وأستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة، وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية- “أن ترامب لم يصدر أي قرارات بشأن الجولان، ولكن إعلانه هذا غير ملزم حتى في داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية فالقرار لا قيمة قانونية له ويتعارض معارضة فاضحة مع مبدأ قانوني من مبادئ القانون الدولي والتي تقول بعدم اكتساب أراضي الغير بالقوة”. وأضاف: “الزعم بأن ترامب لم يستشر أيًّا من مستشاريه القانونيين قبل تمرير الوثيقة جهل فاضح؛ فالجميع يدركون الفارق بين الإعلان غير الملزم proclamation والأمر التنفيذي الملزم Executive order فالرئيس ترامب عينه أصدر أمرًا تنفيذيًّا ملزمًا بشأن العقوبات ضد إيران”. وشدد سلامة على أن الدول في هذا الشأن تدرك مسؤوليتها الدولية بشكل كبيري والتي لا يدركها الإعلام مطلقًا، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون لم يسقطه إلا القانون والإعلام ولم ينتصر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلا الإعلام والقانون المستغل. وأكد- خبير حفظ السلام- أن إحقاق الحقوق لا يكون عسكريًّا ولا باللجوء إلى الصواريخ والدبابات فالفتح العسكري كان مشروعًا في القانون الدولي في العهود الغابرة وهذا ما فعلته إسرائيل في الجولان وسيناء والضفة والقطاع، مضيفًا أن الدول العربية قد جربت بنفسها كيف انتصر لها القانون الدولي في المحافل الدولية، وكيف خسرت أيضًا المليارات بسبب الجهل بالقانون. وأدان سلامة الجبهات التي تشتكي ظلم القانون الدولي قائلًا: “مجموعة جغرافية حصرية تشق الصدور وتلطم الخدود من ظلم القانون الدولي وكأن هذه المجموعة تنعم بإنفاذ التشريعات الوطنية الوردية بكل عدل وعدالة”، لافتًا إلى أن مصر- على سبيل المثال- لم تسترد سيناء وطابا إلا بالقانون الدولي. الاحتجاج الشفهي تسليم بواقع غير مشروع: وتابع: “هناك بعض الملاحظات القانونية بشأن التناول الإعلامي العربي والأمريكي للوثيقة الترامبية بخصوص الجولان، لم تتناول وسيلة إعلامية عربية واحدة مغزى وباعث وغرض الاحتجاج الرسمي الدولي ولم تتناول أمرًا واحدًا خارج حلبات الإثارة وبرامج الحرائق”، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يعد نكوصًا وأن الاحتجاج الرسمي الشفهي أو الكتابي يعني التسليم بالأمر الواقع غير الشرعي ولا المشروع. وحول المرتقب والمنتظر من القمة العربية بشأن ملف الجولان قال سلامة: إن “الطلب الرسمي الأول وفقًا لميثاق منظمة الأممالمتحدة واللائحة الداخلية لمجلس الأمن كان من سوريا وفقًا للأسس التي بررتها لرئيس مجلس الأمن وتضمنت تهديد السلم والأمن الدوليين وأن الطلب الفرنسي جاء تعضيدًا للطلب السوري لكن فرنسا الدولة دائمة العضوية بالطبع سيكون لها الميزة التي لا تحوزها سوريا”. واقترح سلامة في حديثه ل”المواطن” دعوة كل من سوريا وإسرائيل لجلسة مفتوحة في القمة العربية تسجل في مضبطة المجلس وتنشر علنًا. وأضاف الأستاذ الجامعي أن القمة العربية قد تصدر قرارات وتوصيات وبيانات وراء الأبواب المغلقة وتكون تشاورية لإيجاد حلول قوية وفقًا لمبادئ القانون. وكانت سوريا قد طلبت عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي إثر قرار الولاياتالمتحدة الاعتراف بما تسميه السيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان المحتل، وهو قرار تبرره واشنطن بضمان أمن إسرائيل رغم معارضة دول أوروبية. واحتلت إسرائيل هضبة الجولان السورية والتي تبلغ مساحتها 1150 كم في 1967، وضمتها رسميًّا عام 1981 وبدأت في إقامة المستوطنات عليها وتشمل الجولان قرارات دولية باعتبارها أراضي محتلة ولم يسبق لأي دولة أن اعترفت بسيادة إسرائيل عليها. وتراقب أوساط دبلوماسية الكيفية التي ستقوم بها القمة بتناول الأزمة والخطط والمقترحات حول وضع حلول سريعة وناجعة لوقف التدخل الأمريكي في الشأن العربي وحماية الجولان العربي السوري المحتل، إذ يمثل الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان تأسيس لمرحلة قانون الغاب ولن يكون القرار الترامبي سهل الهضم وسيؤثر على مصالح واشنطن في الشرق الأوسط.