تحل على المملكة العربية السعودية يوم الثامن والعشرين من شهر ذي القعدة 1435ه الأول من الميزان الثالث والعشرين من سبتمبر 2014م ذكرى يومها الوطني الرابع والثمانين ومعها كانت انطلاقة تاريخية وضع خلالها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – ملامح الإنجازات ومرتكزاتها ، فعمل رحمه الله تعالى وأبناؤه من بعده – رحمهم الله – على تحقيق ذلك، حتى هذا العهد الزاهر الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – وفيه نرى حاضرنا اليوم بفضل الله وتوفيقه وقد حققت بلادنا العزيزة مظاهر النمو والتطور في مسيرتها. والمملكة العربية السعودية وطن خفاق في كل الميادين حاضر في كل المحافل، يسابق زمن التطور والمجد بكل جدارة واقتدار، اعتلى قمم التقدم والرقى باتزان، ليفتح أبواب التطور، وطن يشار إليه بالبنان في المحافل الدولية وينظر إلى كيانه الشامخ المتماسك بقوة وإلى بنائه المرصوص بالهمة، وإلى تطوره وعطائه على أنه وطن الأمن و الأمان والرخاء والاستقرار ومملكة الإنسانية. نهضة تنموية شاملة متوازنة وإنجازات كبرى تسابق الزمن وتعم أرجاء الوطن وتسير به نحو آفاق جديدة من التقدم الحضاري في شتى المجالات، كان الرقي بهذا الوطن بهمه جبّارة لا تعرف المستحيل ولا الرهبة، بقيادة حكيمة رشيدة واعية .. ليطل على خارطة العالم وطن العطاء و النماء و الرخاء. والحرس الوطني أحد مكتسبات الوطن الشامخة يحمي منجزاته و يسهم في نمائه، تزامنت بداياته مع ولادة هذا الوطن الأشم وتطور مع تطوره يقف مستعداً ليحرس ترابه ومقدساته. وعندما نتحدث عن بدايات الحرس الوطني فإننا نتحدث عن أبناء وأحفاد أولئك الرجال المجاهدين الذين شاركوا بأرواحهم وأموالهم وسلاحهم مع الملك عبدالعزيز رحمه الله الذي رفع لواء التوحيد، ووضع الأساس الصلب لبناء المملكة العربية السعودية الحديثة منذ أن بدأت انطلاقته عام 1319ه وحتى إعلان تكامل هذا الكيان تحت اسم المملكة العربية السعودية عام 1351ه. وتمثل نهضة الحرس الوطني و تطوره صفحة من صفحات الوطن المضيئة كتب سطورها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – حيث رعى أيده الله تطوره وله الفضل بعد الله في تحديثه و الوصول به إلى مصاف القوات العسكرية الحديثة ليصبح إحدى ركائز الأمن والاستقرار والرخاء في وطننا الغالي. ويمثل عام 1382ه انطلاقة الحرس الوطني حين تولى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – رئاسة هذا الصرح الحضاري العملاق لينطلق الحرس الوطني من مجرد وحدات تقليدية إلى قوات عسكرية محترفة وحديثة، وبقيادته حفظه الله واصل الحرس الوطني خطوات التطور، وليصبح في سنوات قليلة كياناً عسكرياً حديثاً، وقوة لها وزنها العسكري والحضاري، وليسهم في مسيرة النهضة الكبرى للمملكة العربية السعودية. وفي عام 1434ه صدر الأمر السامي الكريم بتحويل رئاسة الحرس الوطني إلى وزارة وتعيين الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزيراً للحرس الوطني ليدعم مسيرة الحرس الوطني وليواصل تحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين في بناء مؤسسة عسكرية حضارية شامخه بسواعد الرجال الذين يتشرفون بالانتماء لهذا الكيان العظيم. وامتداداً لهذا الاهتمام يحرص الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني على تفقد قوات الحرس الوطني في مناطق المملكة كافة ، ويحرص سموه بالالتقاء برجال الحرس الوطني قادة وضباطاً وأفراداً الذين يقفون على أهبة الاستعداد للذود عن تراب الوطن ومقدساته. ولأن الإنسان هو محور التنمية و باعثها يولي الحرس الوطني جل عنايته واهتمامه بمنسوبيه العسكريين والمدنيين حيث يحرص وزير الحرس الوطني على لقاء المنسوبين والاجتماع معهم وسماع اقتراحاتهم وآرائهم كما يتم تقدير منسوبي الوزارة المتقاعدين وشكرهم على ما بذلوه من جهود مخلصة في خدمة دينهم ومليكهم ووطنهم. وشهدت إنجازات الحرس الوطني هذا العام قطف المزيد من ثمار مسيرة الخير والعطاء بتخريج الدفعة الحادية عشرة من طلبة جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية لتسهم هذه السواعد الفتية في خدمة الوطن و تشارك في تنميته وتطوره. وتعد جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية أحد أبرز وأهم الصروح التعليمية الضخمة التي رعاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – كما تم هذا العام افتتاح مستشفى الأمير محمد بن عبدالعزيز بالمدينة المنورة الذي يتسع ل (320) سريراً لتضاف لمنجزات الشؤون الصحية بالحرس الوطني المتمثلة في العديد من المدن الطبية العملاقة والمستشفيات المتخصصة ومراكز الأبحاث الطبية ومراكز طب الأسرة وغيرها من المراكز التي حققت العديد من المنجزات الطبية المتميزة وفق أرقى المعايير الطبية العالمية، لتسهم جميعها في تقديم أفضل الخدمات الصحية للمواطنين. وفي هذا الإطار تأتي رعاية الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز هذا العام المؤتمر الرابع لسلامة المرضى الذي تنظمه الشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني بالتعاون مع جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية الذي يأتي إيمانا بأهمية تطبيق معايير وأنظمة سلامة المرضى وتعزيز الالتزام بمعايير الجودة الصحية. كما استمر الحرس الوطني بتعزيز دورة الحضاري والتنموي لبلادنا الغالية حيث استعرض الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز وزير الحرس الوطني في ورقة علمية قدمها في جامعة الملك عبد العزيز إنجازات الحرس الوطني الخدمية والاجتماعية والثقافية والفكرية والنهضوية ، إضافة إلى جانب دوره الأمني والعسكري في الحفاظ على أمن الوطن واستقراره والذود عن حياضه جنبا إلى جنب مع وزارة الدفاع ووزارة الداخلية. وتواصلت عطاءات وزارة الحرس الوطني حيث احتفت كلية الملك خالد العسكرية هذا العام بتخريج الدورة الخامسة والعشرين للضباط الجامعيين والدفعة الثلاثون من طلبة كلية الملك خالد العسكرية لينضموا إلى زملائهم في وحدات الحرس الوطني ويسهموا في خدمة وطنهم وازدهاره. ويولي الحرس الوطني اهتماماً كبيراً بتطوير المهارات الفردية للفرد ضمن الفريق وانتهاء بالتمارين الميدانية وتمارين القيادة والسيطرة على مستوى الحرس الوطني حيث نفذ الحرس الوطني ضمن خطط التدريب لهذا العام تمرين " ولاء وفداء4 " برعاية الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين بميدان المئوية شرق مدينة الرياض، الذي يأتي استمرارا للتمارين التي تنفذها وزارة الحرس الوطني لتشكل إضافة مهمة لمنظومة الحرس الوطني وتعزز دوره العسكري ليكون على استعداد تام ودائم وجاهزية كاملة في جميع الأحوال والظروف، حيث أظهرت قوات الحرس الوطني من خلال هذا التمرين قدرات عالية ومتميزة في مجالات القيادة والعمليات والإمداد والتموين والإشارة والهندسة والطب الميداني بمشاركة العديد من الوحدات المساندة في جميع مراحل التدريب لتدعم هذه التمارين قدرات قوات الحرس الوطني في تحقيق رسالتها الأساسية وهي أمن وحماية هذا الوطن والمحافظة على مقدساته ومقدراته. وبما أن مهمة الحرس الوطني الرئيسة هي الحفاظ على الأمن والدفاع عن الوطن مشاركاً مع بقية القوات العسكرية في هذا الوطن فإن ذلك يتطلب استمرار العمل و التطوير لتحديث القوة العسكرية و رفع مستوى أداء المنسوبين وفي هذا الإطار و امتداداً لعطاءات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – المتمثلة بموافقته بإدخال منظومة الطيران العمودي ضمن وحدات الحرس الوطني ،حيث أنجزت وزارة الحرس الوطني أحد مكتسبات هذا المشروع برعاية الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني تخريج دورات الطيران التأهيلية على الطائرات العمودية نوع (530MD) ودورات الأفراد الفنية في مختلف تخصصات صيانة الطيران. يمثل مشروع لواء الطيران الأول أحد المنجزات الأساسية لهيئة طيران الحرس الوطني التي تم الانتهاء من تنفيذها هذا العام ويتكون المشروع من مباني قيادة لواء الطيران وكتيبة إسناد الطيران وكتيبة الطيران الأولى والثانية ، كما يضم خط الطيران الذي يشمل ورشة الصيانة وانطلاق الطائرات وبرج القيادة والتحكم ومحطات الإطفاء ومهابط الطائرات ومدرج ومنطقة تحميل الذخيرة، كما يحتوي المشروع على مرافق مساندة تشمل مساجد ومطاعم ومحطة وقود الطائرات ومحطة معالجة مياه وخزان المياه وشبكات الخدمات وملاعب رياضية. كما أنجزت وزارة الحرس الوطني مؤخراً مشروعاً ضخماً لتحديث وتجديد العربات العسكرية المساندة للوحدات العسكرية بالحرس الوطني وأشرفت على تنفيذه هيئة الإمداد والتموين بوزارة الحرس الوطني، ويهدف إلى تحديث وتجديد عدد كبير من الآليات والعربات العسكرية وذلك ضمن مشروع ضخم ومتكامل لإعادة جاهزية هذه العربات للاستفادة منها بشكل مثالي في مهام الحرس الوطني. وواصلت وحدات الحرس الوطني هذا العام عقد و تخريج العديد من الدورات في مدارس الحرس الوطني العسكرية وألوية الحرس الوطني ومدرسة سلاح الإشارة ومراكز التدريب لتقف هذه السواعد كقوة ضاربة تذود عن أمن الوطن واستقراره. وضمن خطط التطوير التي يسير عليها الحرس الوطني تم الانتهاء من التصاميم النهائية لمشروع مركز المعلومات والأبحاث والتميز، الذي يعد رافداً للشبكة المعلوماتية الخاصة بوزارة الحرس الوطني، ويمثل أحد أهم الركائز الفنية التي تدعم احتياجات الحرس الوطني الفنية في مجال المعلوماتية وأمن المعلومات ، حيث سيوفر المشروع فرصاً متقدمة لتحسين أداء وحدات وقطاعات الحرس الوطني من خلال بناء التطبيقات وتوصيل الشبكات المعلوماتية وحماية المعلومات وتحسين البنى التحتية في إنشاء مراكز معلومات حديثة ومراكز أبحاث ومواجهة الكوارث بالإضافة إلى مشاريع التطبيقات المؤسسية. واستمرارًا للدور الحضاري الذي يقوم به الحرس الوطني في العديد من المجالات الاجتماعية والثقافية وكعادته كل عام نظم الحرس الوطني وبرعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الدورة التاسعة و العشرين للمهرجان الوطني للتراث والثقافة ليواصل المهرجان مسيرة النجاح والإبداع ويسهم في إبراز تراث أمتنا وثقافتها وجوانب النهضة الحضارية والتنموية التي تعيشها بلادنا في عصرها الزاهر.وقد أولى الحرس الوطني دعماً متميزاً لمشاريع الإسكان لمنسوبيه ، حيث يتم التوسع في بناء المدن السكنية العملاقة في مناطق المملكة المختلفة، وتعد المدن السكنية التي نفذها الحرس الوطني في كل من: الرياض، وجدة والأحساء والدمام والطائف، منجزات حضارية عملاقة أسهمت في تنمية الإنسان السعودي حيث تضم هذه المدن آلاف الوحدات السكنية التي نفذت على أحدث المواصفات العالمية، وتضم هذه المدن السكنية عشرات المباني المساندة من مساجد، ومدارس ومستوصفات، وملاعب، وميادين للخدمات، وأسواق مركزية، ومراكز رياض للأطفال، ومكتبات عامة، وأندية ترفيهية، واجتماعية، ومحطات إطفاء، ومبان للضيافة، لتسهم هذه المشروعات في استقرار ورفاهية منسوبي الحرس الوطني. ويتشرّف منسوبو الحرس الوطني سنوياً بالمساهمة في خدمة ضيوف الرحمن، حيث يتم تجنيد الإمكانات الأمنية والإرشادية والصحية والإعلامية وتستنفر وزارة الحرس الوطني كافة طاقاتها لخدمة ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام و السهر على أمنهم و راحتهم. الحرس الوطني، ورث كل خصائص عصر البطولة وحملات التوحيد التي كافح الملك المؤسس عبدالعزيز من أجلها، وتجسدت في وحداته وتشكيلاته كل صفات الشعب النبيل الذي شارك في بناء المملكة العربية السعودية، وقد عبّر عن ذلك خادم الحرمين الشريفين بقوله: نحن هنا في المملكة العربية السعودية نشعر شعوراً كاملاً بأمن هذا البلد واستقراره، وهذا الشعور هو الذي يملي علينا دائماً أن نكون مخلصين له، وما الحرس الوطني إلا هذا الشعب، فهو الذي أقام بعرقه وجهده مع الملك عبدالعزيز رحمه الله هذا الكيان الذي نقيم في ظلّه ونسعى إلى صونه بكل ما نملك.