لطالما ارتبط صوته الرخيم بالأدعية والأذكار قبل بث الصلوات وبعدها من الحرم الشريف، ولطالما كان وما يزال صوته الفاخر بردًا وسلامًا على المسافرين على متن الرحلات الجوية من خلال دعاء السفر، ولطالما كانت السفرة الرمضانية لا يمكن أن تخلو من ثلاث الماء وحبات التمر وصوته، ولطالما عشنا أجواء وروحانية الحج والحجيج من خلال انسياب صوته العذب الرقراق وتهاديه إلى أسماعنا. نعم إنه الدكتور محمد أحمد الصبيحي المذيع العتيق صاحب الصوت الباذخ رفيق الملوك والأمراء وصديق الرؤساء والوزراء والسفراء والمسؤولين والمثقفين والإعلاميين، وصوت ونبض الشارع والمواطن البسيط. كل ما سبق بعض مما يستحقه الصبيحي للتعريف به؛ لكن ما دعانا اليوم لاستعادة سيرته العطرة هو الإهداء الثمين الذي قدمه للمكتبة العربية من خلال إصداره حديثًا كتابًا شيقًا ماتعًا جاء تحت عنوان “رحلة الأيام وذكريات في الإعلام” تحدث من خلاله عن سيرته ومسيرته الإعلامية المظفرة طوال نصف قرن، وأتى الكتاب في 226 صفحة من الحجم المتوسط مقرونة بالصور، وأحتوى على خمسة فصول جاءت كالتالي: الفصل الأول: الإذاعة بداية الرحلة ومن أبرز ما جاء فيه: – قصة الولادة وعدد أفراد الأسرة، وكيف كان قضاء الصيف سنويًّا في الطائف، والموقف المؤلم بوفاة أحد إخوته، ودخوله للمدرسة كبديلٍ عنه رغم عدم اكتمال السن النظامي. – الانتقال لجدة والعمل في البريد وصعوبة الموائمة بين العمل والدراسة. – قصة إعادة سنة في الجامعة من أجل درجتين! – الاستقالة من البريد للالتحاق بوظيفة بسلاح الطيران ثم صدمة عدم القبول بها لولا وساطة أديب مشهور. – ذكرى أول مغازلة وتعاون مع الإذاعة. – الاستقالة من سلاح الطيران للعمل بالإذاعة وقصة اختبار الصوت. – قصة أول تجربة رسمية مع الإذاعة ونجاته من السقوط من إحدى السيارات بموكب الملك سعود! – حماس ونشوة البدايات كان نتاجها تقديم سبعة برامج دفعة واحدة! وانعكاس ذلك الزخم الكبير على صحته. – موقف الملك فيصل مع مسجلات الإذاعة؟ – موقف ثبوت العيد في وقت متأخر جدًّا وإكمال الناس الصيام وذهابه لأخذ عمرة لاستغلال اكتمال الشهر! – قصة احتراق مسرح الإذاعة وهو موجود ولا يعلم! – قصة فصل أحد الموظفين بسبب حبه لمتابعة برامجه! – قصة أول رمضان خارج الديار وقصة التنافس الكبير لتقديم برامج مميزة في الشهر نفسه. الفصل الثاني: في رحاب التلفزيون وأبرز ما جاء فيه: – أولوية تاريخية مسجلة للصبيحي كأول مذيع يتولى افتتاح البث بمحطة تلفزيون جدة. – التعيين مديرًا مساعدًا للبرامج بتلفزيون جدة وصدمة تعيين شخص آخر بدلًا عنه. – قصة قطع الفيلم الفرنسي والبلبلة التي أحدثها ذلك وموقف الملك فيصل! – أولوية أول نقل تلفزيوني مباشر للحج وكان المذيع المكلف الوحيد وردود الفعل الكبيرة. – قصة الكاميرا الكبيرة والثقيلة والتي كادت أن تسقط يوم عرفة في مسجد نمرة بجوار الملك فيصل! – قصة أول نقل تلفزيوني للحج إلى العالم الإسلامي عن طريق الأردن. – قصة المونتيرة الإيطالية التي غضبت منه حين وعدها بأن يذبح لها سبعة طليان! – المكالمة التي كانت نقطة التحول وجعلته يتخصص في برامج معينة. – اللقاء الذي قدمه مع الدبلوماسيين السعوديين المختطفين في باريس. – قصة الاتصالات الهاتفية الهائلة التي انهالت على تليفون منزله وتسأل عن زوج المطربة أم كلثوم. – ذكرى وفاة الملك فيصل. – طلب الشيخ الشعراوي تسجيل برنامجٍ معه. – ذكرى توليه رئاسة الوفد الإعلامي في زيارة الملك فهد لباريس، ولقاء شيراك وعشاء الإليزيه الذي لا ينسى. الفصل الثالث: الدراسة في أمريكا.. والعودة ومما جاء فيه: – مرحلة إكمال الدراسات العليا في أمريكا. – الحصول على الماجستير ثم الدكتوراه وسؤال اللجنة المباغت عن الآية القرآنية التي استشهد بها في مستهل رسالته لنيل الدكتوراه. – المرحلة التي أعتبرها الكثيرون غريبة بعمله في شركة الكهرباء. – العودة للتلفزيون وطلب الملك سلمان بأن يكون رئيسًا للوفد الإعلامي في افتتاح معرض المملكة بالقاهرة. – موقف إحضار المواطن المصري الذي تمنى زيارة الحرمين الشريفين وجاءت أوامر الملك فهد بأن يكون له ذلك. الفصل الرابع: عشر سنوات في عاصمة الضباب وأبرز ما ورد فيه: – الانتقال إلى لندن. – قصة تأسيس قناة إم بي سي. – عرض إدارة صحيفة الشرق الأوسط من لندن. – النشاطات الإعلامية المكثفة والحراك الثقافي الكبير في لندن بعد تعيين غازي القصيبي سفيرًا فيها. – طلب القصيبي منه تأليف كتاب عن سيرته ووعده بالتكفل بطباعته ونشره – تأليفه كتاب عن الملك فهد وعن الحرمين الشريفين بالإنجليزية. الفصل الخامس: “المحطة الأخيرة” اتحاد الإذاعات الإسلامية وعمله الحالي به كمستشار وقبلها كأمين عام.