عندما عاد الربيع عادت أحاسيس الربيع القديمة، عاد البستان يزهو والفراشات تلهو والعصافير تغني وتشدو، عادت الحياة لنفسي من جديد عادت القيمة للأشياء من حولي، ذبل التوتر والتعاسة والشعور الشحيح بالرضاء، بدأت لنفسي وكأنني أقرأ وأطالع كل يوم آلاف الأوراق يا لها من لحظات ثرية في حياتي. التفتُ يميناً ويساراً وإذا بشيء لم يتغير، يا لها من نزوة خيال حالمة أخذتني إلى حيث أتأمل وأرقب، إلى ذلك الصديق الثري الممتلئ بالقيمة والتجارب والمعرفة والفهم، والتي تسربل عليّ آفاقها وروائعها وديباجها وخمائلها، وأكون كمن يولد من جديد. نحتاج إلى هذه اللحظات والساعات لنعيشها مع أصحاب القيمة والفهم وغزارة الفكر والتقوى؛ حتى يثروننا ويدفعونا للأمام بدلاً من أن يهدمونا ويأخرونا أكثر مما نحن متأخرون. مللنا النقد والاتهامات التي تترى، والتجريح والكلام الذي لا طائل منه، وكل شيء يفضي إلى التعاسة والتدهور والضياع والتأخر، فلذلك أعطش وأعطش وأعطش إلى السقيا، فرحماك يا رب.