بسم الله الرحمن الرحيم إلى جنودنا المجاهدين في الداخل والمرابطين على الثغور حفظهم الله من كل سوء ومكروه سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: إن القلم ليقف والكلمات لتعجز عن أن تصف لكم مشاعرنا تجاهكم، فأنتم حراس البلد والدين، كم ليلة سهرتم لننام آمنين، وكم تعبتم لنبقى مرتاحين، وكم وقفتم في حر الرمضاء، ولفح الشتاء على الطرقات والحدود لتحموا حرمات المسلمين، ومهما قلنا وفعلنا فلن نوفيكم حقكم علينا، ولا نملك إلا أن نسأل الله أن يحفظكم في كل وقت وحين، وأن يكفيكم شر المجرمين والمفسدين وأن يجزيكم عنا خير الجزاء، وأن يتقبل قتلانا وقتلاكم في الشهداء، وأن يعجل لجرحانا وجرحاكم بالشفاء، إنه سميع مجيب الدعاء. أيها الجنود المجاهدون: لا شك أن ما نعيشه عموماً وتعيشونه خصوصاً في هذه الأيام بسبب هذه الشرذمة الضالة، ليتطلب منا أن نقف صفاً واحداً، لنجاهد في سبيل الله ضد هؤلاء المفسدين، الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون. لذلك أحببت أن أذكركم بما لا يخفى على أمثالكم، من باب النصيحة بين الإخوان والمتحابين كما أمر الله ورسوله بذلك، فيا جنودنا الأبرار: أولاً: وقبل كل شيء عليكم أن تستحضروا النية، وذلك بأن تحتسبوا عملكم هذا عند الله وتستحضروا أن عملكم هذا: لأجل حماية الدين، وحماية المسلمين، وبلاد التوحيد، فإن الأجر لا يحصل إلا بالنية الحسنة، كما قال صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات”، واعلموا –وفقكم الله-أنه لا يضر الواحد منكم أن يضيف إلى ذلك نية تحصيل رزقه وقوت عياله، فإن ذلك كله مما يحبه الله ويرضاه. ثانياً: تذكر أخي الجندي المجاهد في داخل المملكة وعلى حدودها.. تذكر أنك حين تقف في وجه المجرمين من الفئة الضالة وخوارج العصر وغيرهم، إنما تقف لتحمي أطهر بلاد الإسلام وأعظمها. فأي بلاد الأرض اليوم يدعو إلى التوحيد والسنة وينهى عن الشرك والبدعة، كما تفعل هذه البلاد المباركة، وأي بلاد على وجه الأرض اليوم يحكم بشرع الله كما تفعل هذه البلاد. وأي بلاد يضم بين جنبيه الحرمين الشريفين إلا هذه البلاد الطاهرة. وأي بلاد على وجه الأرض اليوم يُدرس أولاده الدين في مدارسه وجامعاته كما تفعل هذه البلاد، وأي بلاد على وجه الأرض اليوم يرسل أبناءه إلى الداخل والخارج للدعوة إلى الله على هدي سلفنا الصالح إلا هذه البلاد، وأي بلاد على وجه الأرض اليوم يوجد عنده مؤسسة حكومية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا هذه البلاد المباركة. إلى غير ذلك من النعم الدينية والدنوية التي أنعم الله بها على هذا البلد، والتي لا يوجد بعضها عند بعض البلاد فضلاً عن أن توجد مجتمعة، فلله الحمد والشكر على هذه النعم العظيمة. وليس معنى ذلك أن هذا البلد كامل أو معصوم، كلا والله، بل عندنا نقص، وعندنا تقصير، وعندنا أخطاء، لأننا بشر غير معصومين. ولكن تصحيح الخطأ ليس بقتل الأبرياء، ولا بسفك الدماء، ولا بإتلاف الأموال، بل بالنصيحة الشرعية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما يحب ربنا ويرضى، وأكبر شاهد ومثال على هذه الطريقة هم أئمة وعلماء الإسلام في هذا البلد المبارك ومنهم شيخنا و والدنا الإمام عبد العزيز بن باز –رحمه الله-فقد كان ينصح ويوجه ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، بالحكمة والموعظة الحسنة، ولم نسمعه في يوم من الأيام هدد أو توعد بالتفجير أو التخريب، بل كان يدعو لولاة الأمر بالصلاح والهداية والتوفيق، لأن ذلك هو منهج أهل السنة والجماعة، كما روى البخاري ومسلم، قال صلى الله عليه وسلم: “إنكم ستلقون بعدي أثرة وأموراً تنكرونها، قالوا يارسول الله: فماذا تأمرنا؟ قال: تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الحق الذي لكم، وفي رواية قالوا: أفلا نقاتلهم، قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة”. فالثبات الثبات، يا جنودنا الأبرار، واعلموا أن الله معكم ويدافع عنكم كما قال سبحانه وتعالى: “إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون”. ثالثاً: أخي الجندي المجاهد في الداخل والمرابط على الحدود، هل تعلم أن عملك من الجهاد في سبيل الله!! فأي جهاد أعظم من حماية بلاد التوحيد والسنة، وأي جهاد أعظم من حماية الآمنين من عبث المفسدين، لذا قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -في فتاويه 18/252-قال:”عمل المتطوعين في كل بلد ضد الفساد مع رجال الأمن يعتبر من الجهاد في سبيل الله، لمن أصلح نيته، وهو من الرباط في سبيل الله، لأن الرباط هو لزوم الثغور ضد الأعداء، وإذا كان العدو قد يكون في الباطن، واحتاج المسلمون أن يتكاتفوا مع رجال الأمن ضد العدو الذي يخشى أن يكون في الباطن، يرجى لهم أن يكونوا مرابطين ولهم أجر المرابطة لحماية البلاد من مكائد الأعداء الداخليين “. انتهى كلامه. وهل تعلم أنك إذا قتلت –لا قدر الله- أثناء مواجهة هؤلاء الأعداء المجرمين أنك بإذن الله من الشهداء إن أحسنت النية ، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء المفسدين سيخرجون فقال : يخرج أناس يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم وصيامه إلى صيامهم وقراءته إلى قراءتهم -يعني أنهم يكثرون من الصلاة والصيام وقراءة القرآن، ثم قال صلى الله عليه وسلم: يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، طوبى لمن قتلهم أو قتلوه -يعني بشرى من النبي صلى الله عليه وسلم بدرجة عظيمة في الجنة لمن قتلهم أو قتلوه، وقال صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء: “لإن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد” يعني أنه لو أدركهم صلى الله عليه وسلم لاستأصلهم وأبادهم، فاثبت يا جندي الإسلام ثبتنا الله وإياك على الحق. وسئل الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى في فتاويه (4/410)- هل يعتبر شهيداً من قتل من رجال مكافحة المخدرات عند مداهمة أوكار متعاطي المخدرات ومروجيها ؟ فأجاب : لا ريب أن مكافحة المسكرات والمخدرات من أعظم الجهاد في سبيل الله، ومن أهم الواجبات التعاون بين أفراد المجتمع في مكافحة ذلك، لأن مكافحتها في مصلحة الجميع، ولأن فشوها ورواجها مضرة على الجميع، ومن قتل في سبيل مكافحة هذا الشر وهو حسن النية فهو من الشهداء. انتهى كلامه. ومعلوم وبلا شك أن هؤلاء الخوارج والفئة الضالة الإرهابية هي أعظم إثماً، وأكبر خطراً على الإسلام والمسلمين من مهربي المخدرات، وهذا بإجماع أهل السنة كما ذكر ذلك ابن تيمية وغيره. رابعاً: أخي الجندي المجاهد إياك أن تتردد في الوقوف في وجه هؤلاء الخوارج المفسدين، وإياك أن تشك لأجل أنهم -كما يزعمون- يريدون الإصلاح، بل هم المفسدون، كما قال الله عنهم وأمثالهم : “وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون” وقال سبحانه : “ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد، وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد”، وهذا إمام أهل السنة في زماننا الشيخ ابن باز لم يلتفت إلى كلام هؤلاء الخوارج وأمثالهم، الذين يدعون الإصلاح أو الجهاد بل رد عليهم ودعاهم إلى التوبة والرجوع إلى الله تعالى، فقال-في فتاويه 9/100 -:”هذه النشرات التي تصدر من الفقيه، أو من المسعري، أو من غيرهما من دعاة الباطل ودعاة الشر، يجب القضاء عليها وإتلافها وعدم الالتفات إليها ويجب نصيحتهم وإرشادهم للحق، وتحذيرهم من هذا الباطل ولايجوز لأحد أن يتعاون معهم في هذا الباطل، ونصيحتي للمسعري والفقيه (وابن لادن) وجميع من يسلك سبيلهم أن يدعوا هذا الطريق الوخيم، وأن يعودوا إلى رشدهم، وأن يتوبوا إلى الله مما سلف منهم”. انتهى كلامه. خامساً: إياك ثم إياك أن تستمع لأصحاب الأفكار المشبوهة أذناب الغرب من الليبراليين والعلمانيين الذين يصطادون في الماء العكر، ويريدون أن يستغلوا هذه الأحداث للطعن في الدين وأهله، فسعوا جاهدين إلى أن يصوروا للناس أن هذه الأحداث بسبب تمسكنا بديننا، وتوحيد ربنا وسنة نبينا ومنهج سلفنا أوبسبب الصالحين –أو كما نسميهم المطاوعة-بلا استثناء، ولا تمييز، وهذا والله كذب وافتراء.
فإن كثيراً من أهل الدين والصلاح كانوا ولازالوا ولله الحمد يقفون في وجه هؤلاء المفسدين، ويردون عليهم، كعلمائنا ابن باز وابن عثيمين وآل الشيخ والفوزان وغيرهم، وهؤلاء العلماء هم خيرة أهل الدين والصلاح، ثم إن هؤلاء المفسدين والمخربين، خرجوا في زمن الصحابة فهل كان السبب هم أهل الدين والصلاح في زمن الصحابة رضي الله عنهم؟! بل لا بد أن يعلم كل مسلم أن الصلاح والتقوى والاستقامة الحقيقية التي أمرنا الله بها هي سبب الأمن في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: ” إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ” وقال تعالى: “الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون”، وقال سبحانه: “وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم، وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً “،
فالواجب علينا جميعاً أن نكون من أهل الصلاح والتقوى، وأن نعود إلى ربنا فإن ذلك من أعظم أسباب أمننا، كما أن المعاصي سبب لفقده كما قال تعالى: “وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُكْراً “. حفظ الله عليك دينك وبدنك وروحك، وأبقاك ذخراً للإسلام والمسلمين، ورد كيد عدوك وعدو الدين إلى نحره، وكفانا الله وإياك شرهم، ونسأله سبحانه من أراد بلادنا أو ولاتنا أو الرعية بسوء أن يجعل الله كيده في نحره وأن يفضح أمره، وأن يمكن منه جنود الإسلام والمسلمين، إنه سميع مجيب الدعاء، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. …………………………………. مدير المكتب التعاوني للدعوة والجاليات بحي العزيزية بالرياض