بدأت إيران، عبر أذرعها العربية والفارسية على حد سواء، رحلة جديدة في مخطط تصدير ثورتها المزعومة ونشر التشيّع هذه المرّة في المغرب العربي، ليكون بوّابتها إلى القارة السمراء، بعدما فشلت في التمكن من السودان والصومال، بينما يعد الحرس الثوري يد إيران في تنفيذ إرهابها، إذ استخدمته طهران في العديد من التدخلات بالدول العربية، في سوريا، والعراق، واليمن، ولبنان، وعمدت إلى قمع الشعوب عبره في تلك الدول، من خلال مساندة الأنظمة الجائرة فيها، وتأسيس ميليشيات تمهيدًا لتنفيذ أطماع إيران السياسية المستقبلية. المخطّطات الإيرانية قديمة العهد في نقاط: رصد الخبير في الشؤون الإيرانية- الإفريقية مسعد صبري، في حديثه إلى “المواطن“، مجموعة من الصور المباشرة لتدخل الحرس الثوري في الدول العربية، مبتدئًا حديثه من البحرين، وموضحًا أنَّ المنامة واجهت خطر الإرهاب، وتمكنت من إحباط العديد من الأعمال الإرهابية، حيث كشفت الأدلة المادية والمعلومات الاستخباراتية، ضلوع الحرس الثوري الإيراني في تدريب العناصر الإرهابية في معسكراته على صناعة العبوات المتفجرة واستخدام الأسلحة الأوتوماتيكية والقنابل اليدوية والإسهام في إدخالها إلى البحرين، كما وفر الدعم والتمويل اللازم في هذا الشأن، وتولى تدريب وتشكيل وتجنيد مجموعات إرهابية تستهدف أمن كل من البحرين والسعودية، من بينها على سبيل المثال ما يسمى بتنظيم (سرايا الأشتر) الإرهابي. واستشهد صبري على ذلك بوجود اعترافات لبعض المطلوبين الذين تم القبض عليهم بأنهم تلقوا تدريبات على استخدام وتصنيع الأسلحة والمتفجرات في معسكرات تتبع الحرس الثوري الإيراني، لافتًا إلى أنَّ “أعمار الفئة المستهدفة من التدريب تتراوح بين 20 و40 عامًا”. وانتقل صبري إلى اليمن، مبيّنًا أنَّ تصريحات نائب قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني العميد إسماعيل قاآني، كشفت أنَّ جماعة الحوثيين “تدربت تحت العلم الإيراني”. وعن سوريا، بيّن صبري أنَّ “نظام الأسد أطلق يد الحرس الثوري الإيراني بقيادة سليماني في كافة البلاد، حيث يوجّه دفّة المعارك في مجمل الأراضي السورية، فالدور الإيراني في سوريا واضح وعلني، ومختلف عن مواقف كل دول العالم”. وأوضح أنَّ “الإستراتيجية الإيرانية، السياسية والعسكرية والدينية، دفعت نظام طهران إلى الوقوف إلى جانب نظام دمشق منذ انطلاق الثورة، وظفت خلالها إيران كل قواها السياسية والأمنية والاقتصادية والدينية، وعلى المستويات كافة، لدعم النظام ومنع سقوطه ومدّه بأسباب الحياة”. حزب الله يد إيران في المغرب العربي: وكشف صبري، في حواره مع “المواطن“، أنَّ “ما يسمى بحزب الله في لبنان يعمل بدور النادل للنظام الإيراني في المنطقة، إذ يوجد أينما توجد مصالح طهران”، لافتًا إلى أنه “بعبارة أخرى حزب الله هو الآن الحرس الثوري الإيراني”، متّهمًا النظام الإيراني ب”السعي إلى تغيير خريطة المنطقة بمساعدة حزب الله”. ولفت إلى أنَّ “التاريخ يوثق كيف أنَّ حزب الله ركز جهوده خلال العقود الثلاثة الماضية كميليشيات لبنانية ضد إسرائيل، لكنه عمد في الآونة الأخيرة إلى الخروج من لبنان إلى سورياوالعراق واليمن؛ فاليوم الحزب الذي كان يدرب آلافًا من جنوده ضد إسرائيل، تغير وأصبح لا يهتم بالصراع مع إسرائيل، واستبدل ذلك بالحرب إلى جانب الحوثيين في اليمن. ووسع التنظيم قبل ذلك دائرة تدخلاته منذ عام 2011، وأرسل ميليشياته إلى سورياوالعراق”. “كوماندوز” صحراوي بتدريب حزب الله!! وحذّر صبري، في حواره مع “المواطن“، من العلاقة بين حزب الله وجبهة البوليساريو الانفصالية في المغرب، موضحًا أنَّ “العلاقة بدأت عام 2016، حين تشكلت ما تسمى لجنة لدعم الشعب الصحراوي في لبنان، برعاية حزب الله. وفي 2017، بدأ الحزب يرسل أسلحة وكوادر عسكرية لتدريب عناصر من البوليساريو على حرب العصابات، وتكوين فرق كوماندوز، وتحضير عمليات عدائية ضد المملكة المغربية”. وأشار صبري إلى أنَّ “أفراد الجالية المغربية في ساحل العاج، وجدوا أنفسهم مضطرين لتدريس أبنائهم بالمدارس اللبنانية، لأسباب عديدة، منها انخفاض التكاليف، إلا أنَّهم لم يدركوا أنّهم دخلوا وكر التشيّع بذلك، لاسيّما أنَّ مؤسسات شيعية عرضت على بعض المغاربة، ذوي الدخل المحدود، مساعدتهم ماديًّا وتدريس أبنائهم مجانًا، وفق خطة مدروسة لجعل المغاربة يعتنقون المذهب الشيعي، تمامًا كما حدث لعدد كبير من أفراد الجالية المغربية في بلجيكا”. تشيُّع المغاربة: وحلل صبري حديث مصدر مسؤول في الكوت ديفوار، والذي اعترف بأنَّ المسؤولين المغاربة انتبهوا إلى محاولات “تشييع” أفراد الجالية، مشيرًا إلى أنَّ “التقارير الاستخباراتية ظلت تدق ناقوس الخطر، وتحذر من تغلغل حزب الله في أوساطهم”، وموضحًا أنَّ “قوة نفوذ حزب الله في أوساط الجالية اللبنانية ولجوء العناصر من مناصريه للتخفي بطرق وأساليب معقدة بين أوساط الجالية، في أبيدجان جعلت السلطات العاجية مكتوفة الأيدي”. وأبرز أنَّ “نقطة بداية المواجهة العلنية بين السلطات المغربية والحركات الشيعية كانت سنة 2008، حين أصدرت الحكومة المغربية قرارًا بحل حزب البديل الحضاري، ذي المرجعية الشيعية”، لافتًا إلى أنَّه “ارتفعت وتيرة المواجهة مع قطع المغرب علاقاته الدبلوماسية مع إيران عام 2009، بعد إعلان المغرب تضامنه مع البحرين إزاء تعرضها للتدخلات الإيرانية السافرة، ولكن لأسباب أخرى أيضًا، أبرزها تورط سفارة إيران لدى الرباط في زعزعة استقرار المغرب الديني والروحي، من خلال محاولات تشييع المغاربة”. يذكر أنّه اتَّهمت السلطات المغربية، إيران والمد الشيعي، بتهديد الأمن والاستقرار بالمغرب، بعد استقطاب آلاف المغاربة وإثارة الاحتجاجات في مناطق مغربية مختلفة، لاسيّما في منطقة الحسيمة، شمال البلاد، التي عرفت موجات من الاحتجاجات الاجتماعية. مخطط إيراني متكامل لاستهداف المملكة السنية: وحذر الخبير والباحث في الشؤون الأمنية والإستراتيجية المغربية الشرقاوي الروداني، في حديثه إلى “المواطن“، من وجود مخطط إيراني متكامل لنشر التشيع داخل المغرب، عبر لاجئين سوريين مدربين من طرف الحرس الثوري الإيراني. ولفت الروداني إلى أنه “منذ قيام الثورة في إيران عام 1979، والإعلان عن مشروع الخميني لتصدير هذه الثورة، توجهت أنظار الإيرانيين إلى دول شمال إفريقيا، لاسيّما المغرب الذي يحلم أحفاد الخميني باختراقه عبر خلق حواضن وجيوب للمذهب الشيعي داخله، ومن هنا بدأ التفكير منذ سنوات في البحث عن المدخل الذي يتم عبره التسرب لعمق المملكة ذات التوجه السني المالكي”. الخطط البعيدة يديرها الحرس الثوري: وكشف الروداني أنَّ “الحرس الثوري الإيراني يعقد اجتماعًا سنويًّا على مستوى القادة والدبلوماسيين الإيرانيين، الذين ينتمون إلى فيلق الحرس الثوري الإيراني، الذي تتم دراسة سياساته الخارجية ومراجعتها سنويًّا. وعادة يتم وضع مشاريع وخطط جديدة للعام المقبل، لإكمال الخطط والمشاريع البعيدة في منطقة شمال إفريقيا”، معتبرًا أنَّ “الحرس الثوري الإيراني وجد أخيرًا الطريقة التي من الممكن أن يتسرب عبرها للمغرب، حيث أصبح يراهن بقوة على قضية اللاجئين السوريين الموجودين بالمغرب لنشر التشيع، لاسيما وأنَّ أعدادًا مهمة منهم تنتسب للمذهب الشيعي، حيث يرتبط ولاء أتباع هذا المذهب بشكل رئيسي بإيران”. وأشار إلى أنَّ “الحرس الثوري الإيراني يسعى لتدريب عناصر سورية ومن ثم الدفع بهم باتجاه المغرب بذريعة طلب اللجوء”، مشدّدًا على أنَّه “لا يوجد شك في دور إيران الداعم للإرهاب في المنطقة العربية وجوارها الجغرافي، وفي العديد من مناطق العالم الأخرى، فهي تستضيف العديد من قادة القاعدة السابقين، وقادة وفلول حركة طالبان، وهي تدعم المخربين والإرهابيين في البحرين، وعدد من التنظيمات الإرهابية في العراقوسوريا، والحوثيين في اليمن وتمدهم بأنواع الأسلحة المتطورة كافة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية التي يضربون بها المدنيين العزل في مدن المملكة العربية السعودية، وهي التي خلقت حزب الله في لبنان، وقس على ذلك الكثير من مظاهر دعم الإرهاب الأخرى”. وأوضح أنَّ “إيران استطاعت توسيع نفوذها الإقليمي على مدى العقدين الماضيين، لذلك فإن أسئلة حادة تدور في الأذهان، تتضمن تطلعاتها في العراقوسوريا واليمن والبحرينولبنان، وتصريحاتها لإثارة القلاقل والانقسامات في مصر وليبيا والجزائر، وموقفها الداعم بلا حدود لنظام الأسد في سوريا، ودعمها الحثيث للحركات المتطرفة في جميع الدول العربية، ونفوذها الذي تجذر في العراقوسوريا، ومنهجها العنفي تجاه البحرين واليمن، هي تعبيرات واضحة لدعمها للإرهاب ولتطلعاتها الجيوسياسية”. الإرهاب العابر للحدود إيراني بجدارة: وبيّن الروداني، في ختام حديثه إلى “المواطن“، أنَّ “إيران هي التي عملت على بلورة وتشجيع أعمال الإرهاب العابر للحدود، والتي لها بواعث أيديولوجية عالية، تعمل طهران على تحقيقها، وترتبط بشعارات تصدير الثورة، على الأقل في أوساط الكوادر القيادية الإيرانية، والأمثلة على ذلك كثيرة، بما في ذلك قيادات القاعدة، وداعش وحزب الله، والتنظيمات الإرهابية في البحرين، وبوكو حرام، والجماعات الإسلامية في دول آسيا كالهند وباكستان وإندونيسيا وماليزيا، وهي جميعها تنادي بالقضاء على النفوذ العربي وإقامة الدولة الإسلامية”، لافتًا إلى أنَّ “جميع هذه التنظيمات والجماعات ضالعة في منظومات من الإرهاب المحلي والعالمي. وفي الوقت الذي يصعب فيه الفصل بين بواعث الجماعات الإرهابية للقيام بأي من نوعي الإرهاب، يبدو بأنه توجد اختلافات في وجهات النظر بين داعميها من جانب وقياداتها وكوادرها من جانب آخر، وهذا مهم بشكل خاص، لأنَّ إيران هي التي تحرك الضلوع المحتمل لبعض الكوادر بشكل مختلف عندما يتم إغراؤهم من تنظيم إرهابي تحركه الأيديولوجيا الدينية على المستوى العالمي”.