كنت قد التقيت بهم خلال سنوات دراستي في المدارس العادية، حيث إنه في ذلك الوقت لم تكن مشكلتهم مفهومة لدى الأهالي مثلما يحصل الآن، كانوا مثل الغرباء بيننا وكان وضعهم يزداد صعوبةً مع جهل زملاء الدراسة بوضعهم، بل ممارسة التنمر عليهم والسخرية من بعض سلوكياتهم، وممارسة الضغوط عليهم من بعض المعلمين، ومعاقبة المقصر منهم أو حتى تحويل بعض الحالات لمدارس التربية الفكرية، لأعرف لاحقاً أن معاناتهم كانت تسمى “بالتوحّد” رسالتي لمن يعنيه الأمر وتشغل باله قضايا الوطن، الالتفات بشكل مكثف لهذه الفئة العزيزة التي من الممكن أن تمارس حياةً شبه طبيعية بجمع أيدينا جميعاً وجعلها متشابكة مع قلوبهم النقية، وإيمان بعض أهاليهم بالمطالبة والإصرار على توفير أحدث ما توصلت له الأبحاث بشأنهم؛ لجعلها واقعاً بإنشاء مراكز تنافس المراكز العالمية ووحدات متخصصة لدمجهم في المدارس العادية، وتهيئة الجو الأكاديمي لمن يستطيع الدخول منهم للجامعات وتوفير عمل ملائم لهم، مع أن الغالب منهم لو توفر لهم الجو المناسب سيُبدع حتى آخر نفَس، والتخفيف أيضاً من حدة بعض الحالات الصعبة ومحاولة التقريب بينهم وبين أهاليهم والمجتمع الخارجي. ما يحدث الآن هو أن بعض أهالي هؤلاء الأطفال يتكبدون الغالي والنفيس للهجرة بهم نحو الخارج للحصول على الدعم الكافي لهم من ناحية تعليمهم والسير بهم نحو خطوات التعايش، والتي من المفترض أن تكون داخل أحضان الوطن الغالي، وليس أسوأ من هذا وذاك إلا قرار إغلاق بعض مراكزهم النهارية للقضاء على آخر أمل لهم في الخروج من داخل بوتقتهم، أي نعم توجد لدينا جهود لكنها للأسف فردية، نحتاج معها دعم رجال الأعمال والالتفات لمثل هذه المشاريع ولست أقول خيرية أكثر منها وطنية لخدمة فئة لو كان أحد منهم طفلك لحفرت المستحيل لعلاجه، فتخيل فقط أن العكس يحدث مع بعض الأهالي الذين تنقصهم المادة لبذلها لحبيبهم البريء.