أوضح إمام وخطيب المسجد النبوي، الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي، أن اكتمال جمال الإنسان يكون بصلاح المخبَر الذي يبرز حسن المظهر، ونقاء الجوهر الذي يثمر طيب المنظر، لافتًا إلى أن أعمال مناسك الحج تتضمن العناية بتطهير المظهر وتنقية المخبر. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: إن المظهر هو محل اهتمام الخلق ومنتهى إدراكهم، لكن المخبر هو محل نظر الله تعالى. وبيّن أن الله عز وجلّ خلق الإنسان في أحسن تقويم، فأنعم عليه بالمظهر الجميل، والمخبر السويّ الجليل، فكلما كان المخبَر قويّ الصلة بالله، أزهر حبًّا وقبولًا، فما من عبد امتلأ مخبره بحب الله إلا نال قبول القلوب في السماء والأرض. وأشار إلى أنه في يوم القيامة يستقصي الإنسان مظاهر العباد ومخابرهم، إذ قال تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولًا}. وقال: إن هذا الفهم العميق يجعل المسلم يعمل على إصلاح مخبره الذي يقوم على النية الخالصة للمعبود، فالنية سرّ العبودية، كما أن عبادة الله بالمظهر تقوم على صلاح الاتباع والاقتداء، فقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. وأكد فضيلته أن العبادة تربّي المسلمين مظهرًا ومخبرًا، والمتأمل في هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد العناية بالمظهر والمخبر، ومن ذلك وقوف المسلمين بين يدي ربهم بتسوية الصفوف، واعتبار إقامتها من إقامة الصلاة؛ حيث ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر الناس بتسوية الصفوف، ويقول: (عباد الله، لَتسوُّن صفوفكم أو ليخالفَنّ الله بين وجوهكم). وقال فضيلته: ونرى في أعمال مناسك الحج العناية بتطهير المظهر وتنقية المخبر، فخروج المسلم للحج قاصدًا بيت الله الحرام يمثّل أجلّ صور الاستجابة لله مظهرًا ومخبرًا، واللباس والنية والتلبية والذكر تؤكد هذا المعنى، فقال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}. وأوضح أن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم جلّل في خطبة حجة الوداع قيمة المخبر في الإٍسلام وأنه محل نظر الله قائلًا: (يا أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، مؤكدًا أن المؤمن مأمور باجتناب المعاصي مظهرًا ومخبرًا، قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}.