قد تكون اسبانيا صاحبة أقوى بطولة محلية على الصعيد الرياضي نظرا إلى نتائج انديتها قاريا، لكن إنجلترا تتفوق عليها من ناحية "الزعامة المالية" التي تلعب فيها عائدات النقل التلفزيوني الدور الاساسي. ويبدو أن القيمين على الدوري الأسباني اخذوا العبر من الانجليز وقرروا السير على خطاهم من خلال عقد جديد يمتد لثلاثة أعوام وسيكون للمرة الأولى مركزيا وموحداً بالنسبة للجميع خلافا للسابق عندما كانت الأندية توقع عقودا منفردة، وذلك بحسب ما أكد المدير المسؤول عن قسم المبيعات والتسويق في الدوري الأسباني أدولفو بارا. وستكون عائدات النقل التلفزيوني بحسب العقد الجديد 1.6 مليار يورو سنويا، أي حوالي ضعف العائدات التي كانت تحصل عليها الأندية بموجب الاتفاق السابق، لكن هذا الرقم لا يزال بعيدا جداً عن مبلغ ال 9.6 مليار يورو الذي تحصل عليه الاندية الانجليزية من النقل التلفزيوني. واعتبر بارا، المتواجد في منصبه منذ ثلاثة أعوام، أن العقد الجديد يشكل خطوة أولية هامة جداً في مشوار اللحاق بالدوري الانجليزي الممتاز، مشيراً إلى أن العقد يقلص الهوة في عائدات النقل التلفزيوني بين الاندية الأخرى وبرشلونة وريال مدريد إذ ستنال ثلث ما يحصل عليه الأخيران، في حين أنها كانت تحصل في العقد السابق على ثمن ما كان يناله العملاقان الكاتالوني والملكي. وأضاف على هامش منتدى "ساكيريكس" العالمي في مانشستر: "الأمر الأهم هو أن نستعيد السيطرة على حقوق النقل التلفزيوني. ما يعني أننا نبيع (الحقوق) ثم نسيطر عليها ونتفاوض مع الشركات الناقلة". وواصل: "بامكاننا أن نفرض المباريات المنقولة مباشرة، المباريات المنقولة بشكل متأخر، الروزنامة، وأن ننظم الوقت المناسب لانطلاق المباريات بما يتناسب مع السوقين الآسيوي والأميركي. هذا هو الأمر الأهم على الإطلاق". ولم يكن رأي تيموثي بريدج، أحد كبار المستشارين عن قسم الأعمال الرياضية في شركة "ديلويت" للخدمات المهنية، مخالفا لرأي بارا بخصوص أن صفقة النقل التلفزيوني قد تترك أثرا إيجابيا كبيرا على الكرة الأسبانية إن كان داخليا أو خارجيا. وقال بريدج في تصريح لوكالة فرانس برس: "من الواضح أن الدوري الاسباني يتخلف بوضوح عن الدوري الانجليزي الممتاز من الناحية التنافسية في أرضية الملعب (بسبب الفارق الكبير بين الفريقين العملاقين برشلونة وريال مدريد والفرق الأخرى) لكن صفقة النقل التلفزيوني قد تجعل مسألة التنبؤ (بهوية الفائز باللقب) أقل صعوبة". - التركيز على العوامل السمعية والبصرية - أما بارا الذي شغل سابقا منصب مدير التسويق في كل من ناديي ريال سوسييداد واسبانيول، فرأى بأن مسألة السيطرة على حقوق النقل التلفزيوني تسمح لرابطة الدوري بفرض شروطها على الأندية من أجل اجبارها على الظهور بشكل أفضل على شاشات التلفزة، إن كان من ناحية طلاء الملعب، أو حتى الصفوف الثلاثة الأمامية من المدرجات بلون الفريق، أو الحرص أن يكون عشب الملعب أخضر عوضا عن اللون الاصفر الذي غطى أرضية معظم الملاعب بعد الصيف الأسباني الحار. وأضاف بارا: "رابطة الدوري الانجليزي الممتاز تقوم بعمل انتاجي ممتاز. كل مباراة وبغض النظر عن أهميتها تبدو مثل الأخرى: رائعة. هذا الصيف قمنا بفرض قاعدة سمعية-بصرية على كل الأندية تتعلق بقوة الاضاءة (في الملعب)، طول العشب ولونه، حجم الرعاة (اللوحات الاعلانية). حرصنا أيضا على يكون المشجعون في مجال تصوير الكاميرات". ومن جهته، رأى بريدج أن الدوري الأسباني يتباهى بتفوقه على الانجليز على صعيد المسابقات القارية لكن عليه أن يحقق تغييرا من ناحية ثقافة التشجيع، متحدثا عن مرافقة الجمهور لفرقهم في الدوري الانجليزي الممتاز عندما يلعبون خارج قواعدهم، مثل جمهور ساوثمبتون الذي يقطع طول البلاد لكي يؤازر فريقه ضد مضيفه سندرلاند. وتابع لوكالة فرانس برس: "في أسبانيا ليست هناك ثقافة مماثلة وعليهم تغيير طريقة تفكيرهم. في انجلترا هناك ثقافة تشجيع الفريق على أرضه وخارجها ولهذا السبب تم تخفيض سعر تذكرة الجمهور الزائر حتى 30 جنيه استرليني (من أجل تشجيعه على مؤازرة فريقه خارج قواعده). هذا الأمر يضيف اجواء على شاشات التلفزة. التشجيع الشغوف للجمهور الزائر يستقطب استعطاف الناس". ويؤكد بارا أن التقدم يتحقق وان الأمور قد تصل في نهاية المطاف إلى خواتيمها السعيدة في الدوري الاسباني، مضيفا: "بالنسبة لنا، من المهم جدا أنه عندما يشاهد المرء مباراة في كرة القدم سيدرك بسرعة بأنها مباراة في الدوري الاسباني بغض النظر عن هوية الفريقين اللذين يلعبان. يحتاج الأمر إلى عام آخر، لكننا سنصل إلى هناك".