أكد رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور بندر بن محمد العيبان في مستهل جلسة مناقشة تقرير المملكة الثالث والرابع الخاص باتفاقية حقوق الطفل الذي عقد في مقر لجنة الأممالمتحدة لحقوق الطفل بجنيف أن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -أيده الله- خطت خطوات رائدة نحو تحقيق التنمية المستدامة، التي تجعل من الإنسان محورها الأساس وانعكس بشكل إيجابي على تعزيز وحماية حقوق الإنسان، حيث تضمنت خطة التنمية العاشرة التي تغطي المدة من عام 2015م – 2019م، أهدافاً استراتيجية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحقوق الإنسان، كما بدأ العمل في تنفيذ "رؤية المملكة العربية السعودية 2030" التي تهدف إلى تحقيق التنمية الشاملة من منطلق الثوابت الشرعية وتوظيف إمكانات البلاد وطاقاتها، والاستفادة من موقعها، وما تتميز به من ثروات وميزات لتحقيق مستقبل أفضل للوطن وأبنائه. وأشار إلى أن من أبرز الوسائل والآليات لتحقيق هذه الرؤية إطلاق بعض البرامج مثل برنامج إعادة هيكلة الحكومة وبرنامج الرؤى والتوجهات، وكذلك برنامج مراجعة الأنظمة، وقياس الأداء. وقد نصت الرؤية على عدد من حقوق الإنسان، من أبرزها: الحق في الأمن، والحق في الصحة، والحق في التربية والتعليم والتدريب، والحق في العمل وحماية الأسرة وتمكين المرأة وتعزيز المشاركة في الحياة السياسية والعامة، وحرية تكوين الجمعيات ودعمها، والحق في المشاركة الثقافية وفي الأنشطة الرياضية والترفيه وغيرها من الحقوق. وفي سبيل بناء القدرات والإمكانات اللازمة لتحقيق الأهداف الطموحة ل " رؤية المملكة العربية السعودية 2030، قال العيبان: "أنشئ برنامج التحول الوطني على مستوى 24 جهة حكومية قائمة على القطاعات الاقتصادية والتنموية في العام الأول للبرنامج، ويحتوي البرنامج على أهداف استراتيجية مرتبطة بمستهدفات مرحلية إلى العام 2020م ، وتضمن برنامج التحول الوطني العديد من المبادرات ذات العلاقة بحقوق الإنسان بما فيها حقوق الأطفال، ومنها تطوير برامج حضانات ورعاية الأطفال والتوسع في خدماتها لتشمل جميع مناطق المملكة العربية السعودية. ومن الأهداف التي يسعى البرنامج لتحقيقها زيادة نسبة الأطفال الملتحقين برياض الأطفال، وكذلك زيادة عدد الطلاب المستفيدين من برامج الإعاقة كما يهدف البرنامج لزيادة نسبة الطلاب المشاركين في الأنشطة اللاصفية خارج اليوم الدراسي". وأوضح العيبان أن تقرير المملكة ومذكرة إجابات المملكة على قائمة المسائل؛ أعد وفق منهجية ترتكز على تكامل الأدوار بين الجهات الحكومية ذات العلاقة، والمشاورة الوطنية الواسعة مع مؤسسات المجتمع المدني والأفراد المختصين والمهتمين بمجال الطفولة، ليعكس التقرير ومذكرة الإجابات الجهود المبذولة في تنفيذ أحكام الاتفاقية. وأضاف: "إن جهود المملكة في مجال تعزيز وحماية حقوق الطفل ترتكز على مبادئ دستورية ثابتة تنطلق من أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة والتشريعات الوطنية والاتفاقيات ذات العلاقة وفي مقدمتها اتفاقية حقوق الطفل، وتدعم هذه الجهود إرادة سياسية قوية ساهمت في الانتقال من حيَّز الالتزامات إلى حيَّز الممارسات الفضلى في مجال تعزيز وحماية حقوق الطفل. وبين إن بناء إطار قانوني قوي ووجود تطبيق فعال مع توفر آليات الرصد والرقابة؛ تشكل جميعاً منظومة متكاملة لحماية حقوق الطفل. ففي الإطار القانوني؛ تتكامل أحكام الشريعة الإسلامية، مع أنظمة المملكة ذات العلاقة لتشكل إطاراً قانونياً يعزز ويحمي حقوق الطفل. وقد شهدت الفترة الماضية صدور عددٍ من الأنظمة التي زادت من متانة هذا الإطار، وأبرزها نظام حماية الطفل الذي عرُف الطفل على أنه كل شخص لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، ويهدف إلى مكافحة الإيذاء – بجميع صوره - والإهمال الذي قد يتعرض لهما الطفل ، وقد صدرت – تبعاً لذلك –اللائحة التنفيذية لحماية الطفل، كما صدر نظام الحماية من الإيذاء ، ليشكل سياجاً قانونياً يحمي الفئات الأكثر عرضة للإيذاء وفي مقدمتهم الأطفال. وفي إطار الإجراءات التي تهدف إلى مكافحة الإيذاء وحماية الضحايا، أبان أنه تم إنشاء مركز متخصص لتلقي بلاغات العنف الأسري على رقم مجاني يعمل على مدار الساعة. كما يقوم برنامج الأمان الأسري بدور كبير في المجالات الإنسانية عن طريق العمل على إعداد الاستراتيجيات والخطط المستقبلية لمكافحة العنف الأسري وإيذاء الأطفال اعتماداً على قاعدة علمية مستمدة من مسوح اجتماعية ودراسات إحصائية يتم إجراؤها في كافة مناطق المملكة. والعمل على رفع مستوى الوعي لدى المجتمع أفراداً ومؤسسات بأضرار العنف الأسري وإيذاء الأطفال وتأثيراتها السلبية على المجتمع على المدى البعيد، كما صدر – مؤخراً – قرار مجلس الذي تضمن الموافقة على تنظيم مجلس شؤون الأسرة الذي يهدف إلى تعزيز مكانة الأسرة ودورها في المجتمع والنهوض بها، والمحافظة على أسرة قوية متماسكة ترعى أبناءها وتلتزم القيم الدينية والأخلاقية والمثُل العليا، وتكمن أهمية المجلس في تنظيم رعاية الأسرة في ظل المتغيرات العالمية والتحديات التي تواجه الفرد في ظل ظروف صعبة قد لا يستطيع رب الأسرة مواجهتها، كما أن هذا المجلس سيسعى إلى تحقيق جملةٍ من الأهداف تشمل تعزيز حقوق النساء والأطفال والمسنين وذوي الإعاقة. وأكد رئيس هيئة حقوق الإنسان أنه لضمان التنفيذ الفاعل للأنظمة ذات العلاقة وأحكام الاتفاقية، وإضافة إلى وجود إدارات تتولى هذا الدور في عدد من الجهات الحكومية؛ تقوم هيئة حقوق الإنسان– وفقاً لتنظيمها – بمتابعة تنفيذ الجهات الحكومية المعنية للأنظمة والتزامات المملكة بموجب اتفاقيات حقوق الإنسان التي أصبحت طرفاً فيها، كما تقوم برصد وتلقي الشكاوى ذات العلاقة بحقوق الطفل. فضلا عن الدور الرقابي لمجلس الشورى من خلال دوره في مراقبة أداء الأجهزة الحكومية. هذا بالإضافة إلى الدور الذي كانت تمارسه اللجنة الوطنية للطفولة في مجال الطفولة قبل صدور تنظيم مجلس الأسرة الذي أشرت إليه آنفاً. وحول البرامج والسياسات الرامية إلى تعزيز حقوق الطفل، بين العيبان أنه تم إنجاز الخطة الوطنية الشاملة للطفولة لعشرة سنوات من 2005م إلى 2015م، والتي تحققت معظم أهدافها، فيما يتعلق برعاية حقوق الطفل من حيث العناية الصحية، والاجتماعية والتربوية والتعليمية والترفيهية. وأكد العيبان على دور المجتمع المدني في مجال تعزيز وحماية حقوق الطفل، من خلال الأدوار الرقابية التي يأخذها على عاتقه، حيث تقوم الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان برصد واستقبال الشكاوى المتعلقة بحقوق الطفل، وتصدر تقارير سنوية وبيانات توضح التحديات في مجال حقوق الإنسان بما فيها مجال الطفولة. وفي إطار العمل الخيري، تقوم العديد من الجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني المعنية بحقوق الطفل والمنتشرة في جميع أنحاء المملكة بدور كبير في مجال رعاية الأطفال الأيتام، والمعوزين، وذوي الإعاقة، وضحايا العنف، والاتجار بالأشخاص. يذكر، أنه يوجد في المملكة (882) جمعية ومؤسسة أهلية تُعنى العديد منها بحقوق الإنسان بما فيها حقوق الأطفال. وقد بلغ حجم الدعم المالي المقدّم لها من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية خلال عام 1436ه (2015م): ما يقارب (مليارين وثلاثمائة وأربعة وعشرين مليوناً، وخمسمائة وثلاثة وعشرين ألفا، وثلاثمائة وستةٍ وثلاثين ريال سعودي) (2.324.523.336 ريال). وشدد على أن صدور نظام الجمعيات والمؤسسات نقلة مهمة في تنظيم وتطوير مؤسسات المجتمع المدني، والمساهمة بفعالية في التنمية المستدامة، وتفعيل ثقافة العمل التطوعي، منوهاً بالاهتمام الذي توليه المملكة لتطوير مرفق القضاء ومراجعة التشريعات الوطنية لتعديلها أو إصدار تشريعات جديدة تسهم في حماية حقوق الإنسان بشكل عام، وأشار العيبان إلى صدور الأمر ملكي بتشكيل لجنة لإعداد مدونة للأحكام الفقهية، ومشروع نظام الأحداث، وتعديل تنظيم هيئة حقوق الإنسان، وصدور تنظيم الهيئة السعودية للمحامين، ونظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية، كما صدر الأمر الملكي القاضي بتشكيل لجنة مختصة لإعداد مشروع مدونة الأحكام القضائية (الفقهية) تصنف على هيئة مواد على أبواب الفقه الإسلامي؛ وستمثل هذه المدونة تدويناً وتقنيناً للجرائم والعقوبات الواردة في الشريعة الإسلامية. كما ستشمل تدويناً للأحكام الفقهية المتعلقة بجميع مسائل الأحوال الشخصية، وقد قطعت اللجنة المكلفة بإعداد هذا المشروع شوطاً كبيراً في استكمال أعمالها. ولفت النظر إلى الدراسة الجارية حالياً لمشروع نظام الأحداث في مجلس الشورى، ويتضمن المشروع الأحكام المنظمة للتعامل مع الحدث بما يضمن المحافظة على حقوقه وتوفير أقصى الضمانات له خلال مراحل القبض والتحقيق والمحاكمة وتنفيذ العقوبات المحكوم بها عليه. وبين العيبان أن تقرير المملكة الثالث والرابع عن الطفل عكس نتائج التدابير المتخذة لتعزيز حماية حقوق الأطفال، واستعرض العيبان أبرز البيانات الإحصائية التي تعكس جدوى تلك التدابير في مجالي الصحة والتعليم، حيث انخفضت نسبة وفيات الرضَّع وارتفعت نسبة الولادات تحت اشراف كوادر صحية ، وفيما يتعلق بنسبة التغطية بالتحصينات الأساسية فقد بلغت نسبة التحصين باللقاح السداسي ولقاح شلل الأطفال الفموي (98,1%) لعام 2014م، ولقاح الدرن ( بي سي جي) (98% ) لعام 2014م، واللقاح الثلاثي الفيروسي 97,1% لعام 2014م، ولقاح البكتيريا العقدية الرئوية (98%) لعام 2014م. ونتيجة لذلك انخفضت نسب الإصابة بالأمراض المستهدفة بالتحصين حيث بلغت نسبة الإصابة بشلل الأطفال في عام 2014م (صفر). وأفاد أن مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) تقوم بدورٍ كبير في تنمية قدرات الأطفال وإكسابهم العديد من المهارات بما فيها حرية التعبير، وتختص هذه المؤسسة برعاية الموهوبين والمبدعين من الذكور والإناث على قدم المساواة، وتقديم المشورة للجهات الحكومية وغير الحكومية في مجالات الموهبة والإبداع. وقد أطلقت المؤسسة عدد من المبادرات من أهمها الشراكة مع المدارس، والبرامج الإثرائية، والتعليم الإلكتروني، والتوعية والاتصال وغيرها. كما تمكن الطلاب والطالبات الموهوبين من المشاركة في مسابقات الأولمبياد الدولي، ونتيجة لذلك حقق عدد من الطلاب والطالبات السعوديين مراكز متقدم في مثل هذه المسابقات على مستوى العالم. وقال: "لقد عززت المملكة العربية السعودية الاستفادة من مذكرة التفاهم للتعاون الفني مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان حيث شملت العديد من البرامج والفعاليات خلال الفترة الماضية، وستغطي خلال عام 2016م حوالي 17 نشاطا وبرنامجا متنوعاً، ومن ضمن ذلك أنشطة وبرامج متصلة باتفاقية حقوق الطفل"، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن يتم الانتهاء في الأيام القادمة من إعداد الدليل التوجيهي الوطني الخاص بتطبيق الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها المملكة. كما نواصل عقد البرامج والندوات والورش المتخصصة؛ وكان آخرها ندوة متخصصة حول اتفاقية حقوق الطفل عقدت في أغسطس الماضي شارك فيها خبراء من الأممالمتحدة. وفي ختام كلمته أكد العيبان أن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -يحفظه الله- ماضية في جهودها من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان بما في ذلك تعزيز وحماية حقوق الطفل، وذلك انطلاقا من مبادئها الدستورية القائمة على الشريعة الإسلامية التي تحَرم وتجَرم انتهاك حقوق الأطفال. كما اتخذت المملكة جميع الإجراءات والتدابير لحماية حقوقهم استناداً لتشريعاتها الوطنية والتزاماتها وفق ما تضمنته اتفاقية حقوق الطفل وغيرها من اتفاقيات حقوق الإنسان التي أصبحت المملكة طرفاً فيها.