الأسبوع قبل الماضي كتب الأمريكي جيف جاكوي مقالًا بعنوان (عقوبة الإعدام تحقق غاية)، يتناول فيه أهمية تصويت الناخبين في كاليفورنيا ضد مشروع مقترح لإلغاء عقوبة الإعدام في الولاية، بحجة أن هذه العقوبة لا تُردع القتلة ولا تُقلِّل من جرائم القتل. ويرد الكاتب بالتأكيد على أن لكل عقوبة نوعًا من الردع، وكلما غلظت العقوبة كلما زادت قوة ردعها (هذا بافتراض تطبيقها بالعدل على الكل). وضرب لذلك مثلًا بقيمة غرامة وقوف سيارة في غير المخصص لها (من المواقف العامة)، وهي 20 دولارًا، في حين تبلغ الغرامة 200 دولار فيما لو أوقفها في موقف مخصص للمعاقين! فأي المخالفتين سترتكب إذا كنت مضطرًا؟! ومثال آخر من واقع ولاية أمريكية ألغت عقوبة الإعدام عام 2011م هي ولاية إلينوي التي تضم مدينة شيكاغو الشهيرة. في عام 2008م تعرف أحد المقيمين في كندا على سيدة أمريكية عبر الإنترنت، ثم التقيا وتصادقا لعدة أسابيع، بعدها أنهت السيدة العلاقة بينهما، فقرر الكندي سيمرنوف الانتقام خاصة بعد أن قطعت صديقته السابقة كل حبال الود ووسائل الاتصال بينهما. انتظر صاحبنا حتى تم إلغاء عقوبة الإعدام في عام 2011م، ثم سافر إلى شيكاغو، حيث تعمل صديقته القديمة، وترصّد لها ثم قتلها بكل وحشية. لم يهرب، وإنما سلّم نفسه للشرطة، وقال لهم: (إني أعلم أن السجن هو مثواي حتى الموت، فالإعدام محظور هنا. ولو كان الإعدام مصيري لما قتلتها!). ليست هذه السطور لإقناع القارئ بأهمية القوة الرادعة التي تحملها عقوبة الإعدام في وجه جرائم القتل، ففي شريعتنا الخبر اليقين والبيان الواضح: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب)، (وجزاء سيئة بمثلها). لكن العبرة هي في بيان مدى تخبُّط إنسان هذا العصر بحثًا عن الحقيقة، واستكشافًا لما يجدي وما لا يجدي، في حين نملك نحن المسلمون كل هذه الحقائق الناصعة التي تُنظِّم لنا أمور حياتنا وآليات تعاملنا وسبل تواصلنا. لكن تظل المشكلة العظمى لأغلب المسلمين في أخذ بعض الكِتَاب وإعراضهم عن (بعض الكِتَاب)! ولو أخذوه كله بقوة لكان لأمة الإسلام شأن وقوة. [email protected]