إدارة أزمة أسعار البترول تتطلب حلولاً مبتكرة بالإضافة إلى الإجراءات التقليدية وشبه التقليدية التي تنصح بها ، عادة ، بيوت الخبرة . ومن ضمن هذه الحلول المطلوب تبنيها زيادة العائد من البترول الخام عبر تشجيع الصناعات الوطنية وتزويدها بحاجتها من الطاقة واللقيم بطريقة تسعيرية تتيح للاقتصاد الوطني الاستفادة من عائدات هذه الصناعات . جستن ترودو ، رئيس الوزراء الشاب لكندا ، عالج هبوط أسعار الطاقة ، والذي تأثرت به بلده ، بأن أعاد تسمية وزارة الصناعة إلى ( وزارة الابتكار والعلوم والتطور الاقتصادي ) ، عند تشكيل وزارته بعد فوز حزبه مؤخراً بالحكم في كندا . وعكست برامجه الاقتصادية تركيزاً على البحوث والتطوير (R&D) أكان في القطاع الخاص أو العام . واتجهت سياساته الليبرالية إلى بناء العقول والمعرفة حتى تتمكن العناصر الشابة في بلاده من إدخال مكونات اقتصادية مبتكرة لعلاج الخلل الناتج عن هبوط العائد من البترول . إنتاج البترول الصخري في أميركا ، ودول أخرى ، حالة دائمة وليست مؤقتة ، وتشير المعلومات إلى أن التكنولوجيا الخاصة بهذه الصناعة تواصل تقليص تكلفة إنتاج البترول من حقول النفط الصخري بنسبة عالية بحيث أصبحت أغلب حقول إنتاج النفط الصخري الأميركية مربحة بحوالي 60 دولاراً للبرميل وتواصل التكنولوجيا تقليص هذه التكلفة . وهناك مخزون عالٍ جداً في الحقول التي تمت دراستها . ويقارن مخزون حقل برميان بغرب تكساس بالمخزون في حقل غوار السعودي ، ومن المتوقع زيادة إنتاجه من مليوني برميل الى خمسة ملايين برميل في اليوم. وكل ذلك يشير الى أن دول أوبك لن يكون عليها المنافسة بالأسعار في أسواق البترول بل بالبحث عن حلول مبتكرة وقرارات شجاعة تعتمد على تطوير الصناعات البترولية الوطنية ، وفتح الباب أمام رؤوس الأموال الوطنية لتوسيع نشاطها في المجالات المتعلقة بالنفط وتنويعه . وهناك آلاف المجالات الصناعية التي يمكن للمستثمر الصغير والمتوسط الدخول فيها اعتماداً على إنتاج المصانع الأكبر . وهذا موضوع آمل أن تسلط الأضواء عليه بشكل أكبر . وأشارت دراسة لمجلس الغرف السعودية أواخر العام الماضي أن المساهمة النقدية لصناعة البتروكيماويات السعودية في الاقتصاد الوطني بلغت خلال عام 2014 أكثر من أربعة وأربعين بليون ريال . وهذا مؤشر حول ما يمكن أن تجنيه سياسة أكثر انفتاحاً تجاه صناعة البتروكيماويات الوطنية من عائد على الاقتصاد السعودي. الخلاصة : أميركا انخفض استهلاكها من البترول خلال الأعوام من 2004 الى 2014 بحوالي مليوني برميل يومياً نتيجة لارتفاع كفاءة التشغيل في مقابل زيادة إنتاجها من البترول بحوالي أربعة ملايين ونصف برميل يومياً ، بالإضافة الى مواصلة التكنولوجيا مساعدتها على تقليص تكلفة إنتاجها للبترول الصخري . وبالتالي لا يمكن أن نرفع الآمال كثيراً بالمنافسة على حصة في السوق العالمي ما لم نلتفت الى صناعة البتروكيماويات لدينا التي يمكن لها المنافسة عالمياً ونتيح لها التطور والتطوير عبر الأبحاث والدعم بكميات مطلوبة من اللقيم للتوسع في هذه الصناعات . وإطلاق مبادرات الابتكار في كل مجال .فالأسعار ستواصل هبوطها نتيجة لتطور التكنولوجيا وزيادة إنتاج النفط الصخري بأميركا وغيرها .. ونحن بحاجة الى أبحاث تنتج حلولاً عملية في حرب التكنولوجيا هذه ، أكانت حلولاً في عالم البتروكيماويات الواسع أو غيره . [email protected]