مثل سائر الدول تحتكر حكومة المملكة إصدار عملتها الوطنية الريال السعودي باعتبار ذلك من ممارسات السيادة على نحو ما يجري مع عملات وطنية بريطانية كالجنيه الاسترليني والين الياباني والدولار الأمريكي، وأي عملة كما في حال الريال السعودي لها مصدران اثنان لا ثالث لهما، المصارف الخاصة التي يتم تكوين الريال فيها في هيئة إئتمانات أو تسليف وأيضاً يتكون الريال من الانفاق العام لحكومة المملكة على هيئة صرف وتمويل حكومي على المشاريع وغيرها، فهذان المصدران يدخلان الريال في الدورة الاقتصادية على المستوى الوطني على أن الدورة الاقتصادية من اسمها تشير للحركة وللدوران في داخل الاقتصاد وضمن معادلة يتم فيها سداد الائتمانات أو السلفيات للمصارف بالريال نفسه فالريال الذي يتولد عبر الائتمان يخرج من الدورة أو يسحب من التداول في عملية دوران اقتصادي بينما تعود الفائدة التراكمية للمصارف. إن الانفاق العام الحكومي كمصدر ثانٍ يتحرك في داخل الاقتصاد ليعود في هيئة رسوم وضرائب أو غرامات وعبر هذه الآلية المبسطة يمكن وصف ما يجري داخل اي اقتصاد حديث مثلما يمكن توضيح كيف يتم توليد النقد فيه، إنها عملية مباشرة وليست بالتعقيدات التي قد تتوارد للذهن تلقائياً إذ يمكن للفرد العادي استيعابها بسهولة في حال الاقتصاد الجزئي ويمكن توظيفها في تفسير الظواهر المالية والاقتصادية التي نراها بالعين المجردة. وإن كان لما سبق نصيب من صحة فإن متابعة حركة السيولة بالسوق تمكِّن من القول بأن سعة المصارف الخاصة التمويلية تكاد تنفد وأن معدل الانفاق العام من الحكومة المركزية يتم ترشيده ، وطالما أن المصارف ليست لها سعة تمويلية وأن الحكومة المركزية حدت من الصرف العام وهما المصدران الوحيدان للريال فمن أين يمكن أن نأتي بالريال؟ وأيا تكن الإجابة فإنه ينبغي تفعيل وسائل التخطيط الاستراتيجي لتلافي آثار مشكلة السيولة قبل أن تلقي بظلالها السالبة على الاقتصاد وذلك بإدراك استحالة توليد ريالات بالدورة الاقتصادية دون النظر للاقتصاد بصورته الشمولية.. ورغم أن هذه المعاني من أساسيات علم الاقتصاد التي يكتسبها ناشئة الاقتصاديين إلا أن مالا يدرك كله ينبغي أن لا يترك جله أي أن هناك تطلعاً لتفعيل الخطط الاستراتيجية في هذه الجزئية لأنها تبدو وكأنها الغائب الأكبر.