عندما يتعلق الأمر باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي فإني أصنف نفسي كمستخدم تقليدي لا أحبذ القفز كثيراً من شبكة إلى أخرى جديدة لمجرد بزوغ نجمها، وقد يكون سبب ذلك هو ميلي للاستخدام المهني للشبكات أكثر من الاستخدام الشخصي أو الاجتماعي. صحيح أن تويتر شدني كثيراً من الفيسبوك لكنه لم يجعلني أستغني تماماً عنه، بل أني بدأت في العودة التدريجية له عبر صفحة شخصية وأخرى عامة (Fan Page). مجلة «نيويوركر» أشارت بهذا الصدد إلى أنه بالرغم من تمكن تويتر من الاستحواذ على عدد كبير من مستخدمي فيسبوك، إلا أن الأخير تمكن من الحفاظ على مركز الصدارة، مشيرة إلى الانحدار الذي يعاني منه تويتر وغير مستبعدة نهايته. وبررت المجلة تفوق فيسبوك بامتلاكه رؤية مركزة والتزاماً طويلاً بتلبية حاجات مستخدميه، ومنها الحرص على الخصوصية ومنع الإساءات، والصرامة في فرض تسجيل المستخدمين بأسمائهم الحقيقية، في وقت يعاني فيه تويتر من ضعف التطوير وعدم الصرامة في تحري مصداقية المصادر، وانتشار الإساءات والأسماء الوهمية. هذه العيوب والمشاكل يلاحظها بشكل واضح مستخدمو تويتر في المملكة والذي تحوَّل إلى مرتع للإساءات والعنصرية والتشدد وصناعة الإشاعات لدرجة أفقدته كثيراً من المصداقية واحترام الناس. ساحة شبكات التواصل في المملكة والعالم عموماً تتبدل باستمرار، وأهم خصائص المرحلة الحالية هي أن ولاء المستخدمين لم يعد لشبكة واحدة بل لعدة شبكات في نفس الوقت، مما جعل تقييم شعبية تلك الشبكات يتطلب وسائل أكثر دقة من تلك التي تعتمد على أعداد المستخدمين، ومن تلك الأدوات Google Trends الذي يقدم خطاً زمنياً لدورة حياة كل شبكة يجعل بالإمكان رؤية مراحل صعودها وذروتها وانحسارها. فعلى سبيل المثال نجد أن ماي سبيس بدأ عام 2005 وبلغ ذروة شعبيته نهاية 2007، ثم بدأ في الانحدار حتى نهايته عام 2011. بالنسبة لجوجل بلس فإنه راوح مكانه منذ انطلاقه عام 2011، باستثناء صعود سريع أعقبه انهيار بنفس السرعة لم يصل بعدها لأكثر من 12% من أعلى نقطة وصلها. في المقابل بلغ فيسبوك ذروته عام 2013 ثم بدأ بعدها في الانحسار البطيء مع حفاظه على قاعدة مستخدمين هي الأكبر بواقع 1.5 مليار مستخدم. أما دورة حياة تويتر فإنها تظهر وصوله أيضاً إلى الذروة عام 2013 ثم انخفاضه بشكل متواصل إلى 53% من أعلى رقم وصل إليه بحد أقصى. الملفت أن بيانات Google Trends توضح أن أعداداً كبيرة من المستخدمين الجدد أو المغادرين لتويتر وفيسبوك يتجهون إلى الشبكات الجديدة مثل انستجرام وسناب شات التي لازالت تنمو بشكل متصاعد وسريع للغاية. خلاصة القول، إن الساحة الجديدة لشبكات التواصل تنبئ بظهور عمالقة جدد، دون استبعاد تراجع العمالقة الحاليين بنفس السرعة التي ظهروا بها، مذكرين بأن شبكة ماي سبيس كانت الأكبر عام 2008 وكان يقال عنها إنها من الضخامة لدرجة يستحيل معها موتها.