منذ أن صدرت الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد والحديث يكاد لا يتوقف في المجالس الخاصة وعلى وسائل الإعلام وقنوات التواصل الاجتماعي حول الميزانية وما حملته من أخبار مختلفة مثل زيادة أسعار المرافق العامة والبنزين وخدمات أخرى بالاضافة الى ما بشرت به من استمرار الانفاق على وتيرة مرتفعة وخاصة بالنسبة للمشاريع الأساسية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية، وكان من أطرف ما تداولته الأحاديث تلك المحاضرة التي تطوع بها أحد رجال الأعمال وطالب فيها الشعب من على كنبته الوثيرة أن يأكلوا البسكويت ويمتنعوا عن الدلع، الأمر الذي أتاح لكثير من المواطنين أن يعبروا عن حقيقة مشاعرهم تجاه رفع الأسعار على هيئة انتقادات حادة ولاذعة وجهوها الى المحاضر المتطوع الذي تنطبق عليه عبارة «رب كلمة قالت لصاحبها دعني!». وبعيداً عن الانفعالات والتشنجات فإن واقع الأمر هو أن تعديل أسعار البنزين قد جاء ليصحح التخفيض الذي طبق على تلك الأسعار قبل بضعة أعوام ولم يكن له في ذلك الوقت داعٍ أو مبررحيث كان البنزين يباع بسعر يناهز أدنى الأسعار في العالم ولم يكن محل شكوى أو تذمر، والبنزين بعد تعديل أسعاره مازال منخفض الثمن بأي المقاييس وبالتالي لا ينبغي أن يكون هذا التعديل محل اعتراض أو تذمر. أما بالنسبة لأسعار الكهرباء فلقد استمعت إلى تصريح منسوب إلى معالي وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله الحصين يوضح فيه أن ما يقارب السبعين في المائة من المستهلكين الأفراد لن يتأثر بهذه الزيادة، ويبدو أن الأمر نفسه ينطبق على أسعار المياه بعد رفعها، فإذا كان الأمر كذلك، وإذا علمنا أننا نعاني بشكل واضح من الهدر في استخدام المياه والكهرباء، فإن الزيادة في أسعار هذين المرفقين تبدو مقبولة ومبررة. وبالرغم من ذلك فلقد كنت أتمنى لو أن التعديلات الاقتصادية كانت مصحوبة بدعم لشبكات السلامة الاجتماعية عن طريق رفع مخصصات الضمان الاجتماعي أو توزيع بطاقات ائتمانية يستطيع المحتاجون أن يستخدموها للحصول على احتياجاتهم الأساسية، ولو أن ذلك قد تم لكنا شاركنا في دعوة «المدلعين» المرفهين حقاً الى التخلي عن الدلع، ولكنا أظهرنا أن بلادنا لا تغفل عن تلبية متطلبات المعوزين حتى في أصعب الظروف وأقساها. [email protected]