قبل 70 عاماً كان « المطوع « هو عراب تلك القرى المسكونة بالبساطة والعفوية والبدائية .. .. والمطوع هو ذلك الشخص الذي عنده بعض علم من الكتاب .. في زمن أطبق فيه السواد إلا من نور البصيرة ..!! « 1 » .. كان مطوعنا ( منا ) و( فينا ) ويعيش معنا وليس بمعزل عنا ..! يحضر ولائمنا ومناسباتنا ويلوح بعصاه وهويتقدم صفوف عرضتنا ..!! « 2 » .. كان مطوعنا يقوم بكل شئ يؤمنا في الصلاة ويقرأ لنا الرسائل ويخط بعصاه الأرض لترسيم الحدود وتقسيم المواريث ويفصل في المنازعات ويصلح ذات البين . ويعلمنا في الالواح (ت ) نصب وبعض سور القرآن ...!! « 3 » .. وكنا نحن معه اذا أولمنا دعوناه واذا تخاصمنا حكَّمناه واذا غاب افتقدناه ..!! « 4 » .. كان يركب حماره ويضع دفاتره القديمة في أسفاره ويتنقل بيننا..! كان يكتب بالزعفران على أوراقه البالية : مواثيقنا وإذا ما مس أحدنا طائف من الجن كتب له الحجب وحجبه ..!! « 5 » .. وذات يوم غابت الألواح وتلاشى الزعفران وغاب وجه العراب ..!! « 6 » .. ظهر آخرون تكاثر العرَّابون، فرحنا بهم ..تسابقنا إليهم لكن أكثرهم كان يتجافى عنا ..!! « 7 » .. ازددنا قرباً فازدادوا بعداً، ثم ازدادوا انغلاقاً وأصبحنا ( نحن ) و(هم ) غرباء داخل الجسد الواحد ..!! « 8 » .. فركنا أبصارنا وقلوبنا وحدقنا في وجوههم أليس هؤلاء عرَّابينا ..؟ ألا يشبهون وجه عرّابنا القديم ..؟ (إنهم) (هو) ولكنهم لايشبهونه ..!! « 9 » .. هؤلاء يرون أنهم وحدهم عرابو الأرض وأنهم وحدهم النساك المخلصون .. هؤلاء يرون أننا قادمون من زمن التكفير، من زمن الخطيئة والعصاية، وليس من زمن المآذن والجوامع والراكعين الساجدين ..! لهذا هم يأخذوننا بجريرة ( التطهير ) وإن تلبسوا ثياب ( المتطهرين ) ..!! « 10 » .. لهذا يظل الفرق ما بين وجه عرّابنا القديم ووجوههم هوذاته الفرق مابين عصاه الجامعة ورصاصتهم الذابحة ..!!