أكد وزير الخارجية الأستاذ عادل بن أحمد الجبير رغبة المملكة العربية السعودية في تعزيز وتقوية العلاقات الثنائية مع روسيا في المجالات كافة . وقال في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف عقب اللقاء الذي عقده الجانبان في موسكو اليوم : " إننا نعتقد أن العلاقات وبالذات العلاقات الاقتصادية بين البلدين لاتتماشى مع حجم اقتصاد البلدين أو مكانتهما في العالم ، فلذلك اتخذ القرار من خلال اتفاق البلدين لتعزيز هذه العلاقات في المجالات كافة سواء الأمنية أو العسكرية أو السياسية أو الاقتصادية أو التعليمية أو غيرها من المجالات ، وكانت زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأخيرة إلى روسيا زيارة محورية في وضع أسس لهذه العلاقات المستقبلية بين البلدين " . وأوضح معاليه أن لافروف أبدى اهتمامه بالتوقيع على عدد من الاتفاقيات ويجري الآن العمل على تفعيلها، إضافة إلى عدد آخر من الاتفاقيات التي سيتم توقيعها في المستقبل القريب - بإذن الله - . وقال معاليه إن هناك أموراً عديدة ومصالح تجمع بين البلدين سواء في مجال الأوضاع في المنطقة بشكل عام أو في مجال الطاقة والبترول أو في مجال الزراعة ومجالات أخرى يتم السعي لاستثمارها ، خدمة لمصالح البلدين والشعبين . كما أعرب عن أمله بما ستحققه العلاقات السعودية الروسية في المستقبل ضمن الإطار الشامل بالنسبة لرؤية البلدين. ووصف الجبير المباحثات التي أجراها مع وزير الخارجية الروسي بالشمولية والصراحة والوضوح في طرح الموضوعات كافة ، مبينًا أنه ما تزال بعض الأمور التي تستوجب التفاهم عليها في المستقبل وتتطلع المملكة إلى ذلك . وأشار إلى أنه بحث مع نظيره الروسي الأزمة السورية وأهمية إيجاد حل سياسي ، قائلًا إن موقف المملكة تجاه سوريا لن يتغير وأنه مبني على حل سلمي بموجب إعلان جنيف (1) ، وأن لا دور للأسد في مستقبل سوريا ، مع أهمية الحفاظ على المؤسسات الحكومية والعسكرية ما بعد الأسد، للحفاظ على سوريا . وأكد معاليه أن أي توقعات أو تصريحات أو تعليقات في وسائل الإعلام أو من قبل مصادر مجهولة عن تغير في موقف المملكة تجاه سوريا ، لا أساس لها وغير صحيحة ، مبينًا أن محادثاته مع لافروف أنها اشتملت على أهمية توحيد صف المعارضة السورية للخروج برؤية واحدة لمستقبل سوريا والبدء في العملية السلمية بموجب تفاهم جنيف (1) وأعرب عن تطلعه إلى مزيد من هذه المشاورات في المستقبل القريب - بإذن الله - كما أشار الجبير في المؤتمر إلى الأوضاع في العراق وأهمية تطبيق الإصلاحات التي تم الاتفاق عليها الصيف الماضي لضمان حقوق جميع الطوائف العراقية ولسحب البساط من تحت تنظيم "داعش" الإرهابي عبر إعطاء المواطنين العراقيين كافة حقوق المساواة ليكونوا شركاء في حكومة واحدة . وأفاد إن المباحثات تطرقت كذلك إلى الشأن اليمني مبينًا أهمية تطبيق القرار 2216 بدون أي شروط وبشكل سريع لإخراج اليمن من الأزمة التي يعيشها، وعن كيفية التعامل مع الوضع الإنساني الصعب في اليمن وكيفية تكثيف الجهود لتوفير المساعدات الإنسانية وبين أن العمل جاري على ذلك حاليًا وسيتم الاستمرار في التنسيق مع جميع الدول بما فيها روسيا في هذا المجال لمساعدة الشعب اليمني . وبشأن عملية السلام في الشرق الأوسط قال الجبير : كان هناك اتفاقًا وتفاهمًا حول إيجاد حل لهذا النزاع الذي طال أمده وعلى أساس مبادرة السلام العربية ، وبحثنا بعض الأفكار في كيفية إعادة تفعيل عملية السلام في هذا الشأن وسوف نستمر في هذا الموضوع . وعبر معاليه عن تقدير المملكة العربية السعودية والدول العربية لموقف روسيا على مدى أكثر من ستين سنة في دعم الشعب الفلسطيني الشقيق في محاولته لنيل حقوقه في هذه الأزمة . كما ذكر في المؤتمر الصحفي أن المباحثات تطرقت إلى كيفية مواجهة الإرهاب والتطرف الذي يعاني منه كل العالم وسبل التعاون في المجالات الأمنية وغيرها في مواجهة هذا الخطر الذي يهدد كل بلدان العالم وبالذات روسيا والمملكة العربية السعودية وكيفية التصدي له ومواجهته وتمويله . وأشار إلى أن المباحثات تطرقت إلى الاتفاقية النووية المبرمة بين الدول (5+1) وإيران والخطوات القادمة في هذا الشأن . ووصف معالي وزير الخارجية الاجتماع مع وزير الخارجية الروسي بالإيجابي والبناء المثمر وقال " أعتقد أننا استطعنا أن نصل إلى تفاهم أكثر على قاعدة مهمة وقوية للاستمرار في المباحثات والتشاور في المستقبل ". وأكد وزير الخارجية الروسي من جانبه ضرورة تضافر الجهود من أجل محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي وغيره من المنظمات الإرهابية التي هي مصدر خطر ليس فقط بالنسبة إلى روسيا والمملكة بل وللعالم على حد سواء . وأشار لافروف إلى اللقاء الذي جرى بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في سان بطرسبورغ في يوليو الماضي، وقال إن الجانبين طرحا موضوع التفكير في تضافر الجهود لمحاربة الإرهاب . وتابع : إننا سنواصل مناقشة هذه المبادرة ، وقد بحثنا بعض النقاط ومستقبل تطبيق هذه المبادرة ، وأنا متأكد أن هذا النقاش سيتواصل . وأفاد أنهم ناقشوا أهداف تطبيق التفاهمات أو التوافقات التي يتضمنها إعلان جنيف المؤرخ ب 30 يونيو 2012 . وأبان أنه بالرغم من وجود بعض الخلافات في المواقف الروسية السعودية في كيفية السير مع هذا التطبيق بإعلان جنيف ، ولكن يمكنني أن أقول إن أغلب المواقف الروسية والسعودية تتطابق . وقال الوزير الروسي خلال المؤتمر الصحفي " على كل حال اتفقنا على مواصلة في التفكير في الخطوات التي يجب اتخاذها من أجل خلق الظروف المواتية لاستئناف الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة السورية بجميع أطيافها وذلك برعاية مينستورا ، كما ناقشنا الأوضاع في اليمن حيث تزداد أهداف الوقف الفوري للقتال وإقامة العملية السياسية إلحاحًا يوما بعد يوم " . وأضاف لافروف " إننا أطلعنا الأصدقاء السعوديين على فحوى الاتصالات التي أجرتها روسيا مع ممثلين للفصائل اليمنية وذلك بهدف دعم مبادرة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد في جهوده من أجل مواصلة العملية التفاوضية وذلك مع الأخذ في الحسبان القرارات الأممية ذات الصلة " . وتابع : " كذلك تبادلنا الآراء حول الأوضاع في كل من العراق وليبيا ولاحظنا تطابق المواقف الروسية السعودية من هذه القضايا" . وأردف :" كذلك ناقشنا سبل إخراج التسوية الشرق أوسطية من المأزق وذلك في ضوء انقطاع المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين ووجدنا أنه لابد من دعم المبادرة العربية للسلام التي طرحتها المملكة العربية السعودية في عام 2002 ، وكذلك لابد من إشراك الجانب العربي الى جهود الرباعية الدولية" . وفي ضوء التوصل إلى اتفاق حول برنامج إيران النووي ، عبر الوزير الروسي عن أمله في أن هذه الظروف الجديدة ستسهم في تعزيز الجهود من أجل إطلاق الحوار بين جميع دول الخليج و الدول العربية من ناحية وإيران من ناحية أخرى ، كما أعرب عن أمله في أن يكون فيه طريق لإقامة هذا الحوار وسيتم الأخد في الحسبان في الفكرة الروسية الأمن في الخليج العربي ، الفكرة التي نطرحها منذ زمن طويل في اتصالاتنا مع زملائنا في الخليج وبما في ذلك اتصالاتنا مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية . أما على الجانب الدولي فقال لافروف " إننا ناقشنا بشكل مفصل حالة العلاقات الثنائية التي أعطت زيارة سمو ولي ولي العهد في يوليو الماضي دعماً لتطويرها ". وأضاف : " تبادلنا الآراء في الخطوات التي يجب اتخاذها من أجل تطبيق ما تم الاتفاق عليه في إطار هذه الزيارة في مجالات كالطاقة والنووي السلمي والاستثمار والمشاريع المشتركة في مجال الزراعة والإسكان ". وثمن وزير الخارجية الروسي عاليًا الاهتمام الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - وغيره من قادة البلاد في تطوير العلاقات بين المملكة العربية السعودية وروسيا . وقال : " نحن أكدنا الدعوة التي وجهها الرئيس لخادم الحرمين الشريفين لزيارة روسيا في وقت مناسب له ونحن على يقين من أن مثل هذه الزيارة ستعطي زخمًا قويًا جديدًا لتعزيز العلاقات بين روسيا والسعودية في المجالات كافة ". وفي ختام المؤتمر الصحفي أجاب الوزيران على عدد من تساؤلات الصحفيين تناولت عددًا من الشؤون الدولية والإقليمية والعلاقات المشتركة بين البلدين .