نذر العم حبيب بن أحمد العويشي، من محافظة الأحساء، نفسه من أجل العمل في المحافظة على حرفة القفاصة، التي ورثها عن آبائه وأجداده فأبدع وابتكر وجدد فيها، بدأ فيها هاويا فتحولت إلى حرفة السنين، يفتخر بذكرياته معها راضيا عن حاضره الحافل بالعمل والعطاء، خاصة أن مهنته أتاحت له فرصة الطواف في بلاد الغرب ليعرض لهم موروثا عربيا برع فيه، حمل على عاتقه الحفاظ عليه من الاندثار. تفوح من دكانه بقرية أزميل التراثية بمدينة الجبيل رائحة الماضي الجميل، مستذكرًا بداياته مع هذه الحرفة بقوله: «تعلمتها من والدي عندما كنت شابًا في مزرعتنا بمدينة الأحساء، وبعد أن كبرت اتخذتها مهنة وهواية وعشقي لها دفعني لتعليم أبنائي إياها فهذه الصنعة العريقة تحتل مكانة كبيرة في قلبي». وأضاف: «لم أزاول أي صنعة أو حرفة غير القفاصة، حيث كنت أجلس بالقرب من والدي، وأدقق النظر في حركاته وبسطه وقبضه، حتى أصبحت أجيد هذه الحرفة، التي أهواها»، مشيرا إلى أن حرفة (القفاصة) تعد من الحرف اليدوية القديمة في الجزيرة العربية وخارجها، لافتا إلى أن مدينتي القطيفوالأحساء تعتبر أن الأكثر احتضانًا للقفّاصة لكثرة النخيل فيها، مشيرا إلى أن القفّاص يستخدم الجريد الأخضر واليابس وتتراوح أسعار منتجات الخواصة بين 20 إلى 50 ريالا للقطعة الواحدة، أما الأدوات المستخدمة في صناعة القفاصة، فالسكين والمطرقة والمعدلة والقرمة الخفيفة والثقيلة. وعن أشهر الأشياء، التي يبدع في صناعتها يقول:»نصنع مباخر للملابس وأقفاصا للطيور بأنواعها كالحمام والدجاج والبلابل، كما نقوم بصناعة كراسي المصاحف وكراسي الجلسات والعمّاريات التي تستخدم في صناعة المظلات الشمسية وأقفاص الرطب والتين والمراجيح وغيرها من الأدوات».وبالنسبة للإقبال على منتجات القفّاصين وشرائها قال:»الإقبال علينا جيد جدًا فلي زبائني الذين يعرفونني جيدًا ويأتون إلي في مزرعتي ويطلبون مني مايريدون من أدوات، كما أن الإقبال يتزايد في الحفلات والمهرجانات الشعبية كالجنادرية ومهرجان ربيع الجبيل ومهرجان أرامكو وغيرها من المهرجانات الشعبية».وذكر أن أكثر المنتجات مبيعًا ورواجًا بين زبائنه هو سرير الأطفال الرضع، والذي يكثر الطلب عليه في الآونة الأخيرة، حيث أصبح كالموروث لدى الكثير من العائلات في المنطقة الشرقية.ويفتخر العم حبيب بمشاركته في كل المهرجانات الشعبية في المملكة ولم يتوقف عند هذا الحد بل أقام معارض عدة في العديد من دول العالم من أبرزها بريطانيا واليابان. وحول تجربته في عرض منتجات الخواصة خارج المملكة قال:»على الرغم من محدودية الأيام، التي مكثتها في بريطانيا واليابان والتي لم تتعد الأيام العشرة في كل منها إلا أن الإقبال كان أكثر من رائع، والغريب أن الطلب على أدوات الخواصة في الخارج أكثر بكثير منه في داخل المملكة». وألمح إلى أن الغرب لديهم إدراك وتقدير أكثر من بعض العرب بالحرف والآثار، وهم يهتمون كثيرا بها، لذلك تجدهم يحملون كاميرات التصوير دائما، حتى لا يفوتون مشهدا قد يكون مهمًا في المستقبل.