جدل أحدثه تفويض وزير التعليم لمديري التعليم بفتح فصول لتحفيظ القرآن الكريم في مدارس التعليم العام .. القرار إجرائي .. والمُتخذ صاحب صلاحية .. والهدف سامي .. ولكن المتلقفين لتفسيره تباينت ردود أفعالهم إما في أقصى اليمين أو في أقصى اليسار؛ مستندين في رؤيتهم لما وراء القرار وليس لما قبله ، فالفئة الداعمة ترى أن «هذا القرار يأتي استمراراً للاهتمام بالقرآن الكريم الذي لا يختلف اثنان على أنه دستور الدولة ومرجعية أحكامه وكافة شئونه» ، والفئة المعترضة قرأته بأنه «لا يعدو كونه أسلوباً لدغدغة المشاعر من خلال الدين واستغلاله كوسيلة لإطالة بقاء الوزير في وزارته ؛ على اعتبار أن أغلبية الشعب عاطفي في كل ما يتعلق بدينه ومنهجه دون إعمال التفكير في ما يصدر من مُتخذي القرار في الإدارات العليا «.!! لقد كشف هذان الهاشتاقان أن القضية تجاوزت القرار في كونه حلاً عملياً لمُشكلة قائمة ، بل وصل الأمر إلى التنابز وفقاً للتصنيف الذي يتبناه كل طرف ، حيث أخذ الحوار مُنعطفاً أصَّل وجوده في المجتمع ، فما بين مُتشدد وليبرالي دارت حِمى المعركة في تويتر وتصدى لها دون هوادة أنصار كل طرف ، وهذا يعكس أهمية الإقرار أولاً بوجود هذا التصنيف وعدم إغفال حِراكه مهما كان - سلبياً أو إيجابياً - ويتبقى بعد الإقرار بوجوده أهمية فتح قنوات تواصل ذات بُعد توفيقي وليس إقصائياً أو اندماجياً ، بقدر ما يكون هذا التلاقي قنطرة لإيجاد صيغة تحترم كل الأطروحات الفكرية وتقبلها كما هي لا كما تُريدها الفئة الأخرى ، وتعمل - جميعها - في خطوط متوازية لا تتقاطع لأي اعتبارات مهما كانت قوتها الجماهيرية ، أو توافر غطاء يدعم وجودها ، لكي نؤسس بناءً على هذا الفَهْم منهجية التعددية والتنوع التي نؤمن بها قولاً ونرفضها ممارسة ، شريطة ألاّ تتقاطع مع العقيدة التي يؤمن بها المجتمع ، والقيم التي تحكمه ، والعادات والتقاليد الأصيلة التي تُسيِّر أفراده . [email protected]