لفت نظري تغريدة أحسب أنها مهمة جداً للمستشار الأستاذ أحمد باديب، ينادي فيها بأهمية أن تهتم الجهات المعنية بالدولة بزيادة عدد الثانويات الصناعية في مجتمعنا، تزامنا مع دعوتها المتكررة ليتوجه الأبناء صوب الاهتمام بالمهن الصناعية، والحرف التجارية، انطلاقا من حاجة الدولة والمجتمع الماسة لمهنيين فنيين أكثر من حاجتها لموظفين مكتبيين. ناهيك عن أن السوق متعطش لأبناء البلد، الذين سيجدون ضالتهم بشكل كلي في دروبه ومنحنياته، لاسيما إذا ما أخذنا في الحسبان ندرة الفنيين السعوديين في كل المهن الصناعية والإلكترونية والكهربائية على نطاق كل المدن بوجه عام. هذه الدعوة المهمة من رجل دولة خبير كالأستاذ باديب، دفعتني لأن أبحث عن عدد الثانويات الصناعية في مجتمعنا، خاصة وأنه أشار في تغريدته إلى أن مدينة كبيرة كجدة لا تحوي إلا واحدة منها، وبعد بحث في موقع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وجدت أن في جدة معهدين ثانويين، أحدها ذلك المبنى الأنيق الكائن بحي الفيصلية، الذي أعرفه ويعرفه كثيرون غيري، من خلال البرنامج الصيفي المهني لشركة البيك الغذائية، والآخر لم يتضح لي موقعه، كما ليس في موقعهم الإلكتروني أي خريطة تدل عليه. والسؤال: هل يغطي المعهدين بجدة، والمعاهد الفردية بمختلف مدن المملكة، احتياجات الوطن من المهنيين والفنيين الصناعيين؟ لا أحتاج منكم إلى إجابة، فأنا على يقين أن الجميع سيقطب حاجبيه، ويتملكه شعور غريب من الحيرة، حين يعلم بوجود معهدين ثانويين صناعيين فقط في مدينة مليونية كجدة، وفي وقت تنادي فيه الدولة بكافة أجهزتها الإعلامية والتربوية للتوجه للقطاع المهني الصناعي والكهربائي والإلكتروني. أحسب أن الأمر يحتاج إلى أن تلتفت الجهات المعنية إليه بشكل واقعي وعملي، وأن تتشكل لجنة عليا يشرف عليها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم، وبمشاركة معالي رئيس المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وغيرها من الجهات المعنية، لزيادة عدد الثانويات الصناعية ولو في صورة معدلة، مع الاستفادة من مباني التربية والتعليم لذات الغرض. إذ ما أحوجنا اليوم إلى أن يكون لدينا مدارس ثانوية متخصصة في حقل من الحقول المهنية والفنية، مع دراسة الطالب لعدد من المواد الأساسية التي تؤهله للالتحاق بالجامعة في ذات التخصص لو أراد الحصول على درجة البكالوريوس، فمثلاً يتم تخصيص أحد الثانويات لتدريس حقل الكهرباء، وأخرى حقل المواد الإنشائية، وثالثة حقل المواد الصناعية، ورابعة حقل النجارة والديكور، وخامسة حقل الإلكترونيات، وهكذا، مع دراسة مواد أساسية تربوية، ليتخرَّج الطالب مؤهلاً لينخرط في سوق العمل إن أراد، ويكمل في تخصصه لو أحب. إنها الرؤية المستقبلية للدراسة الثانوية كما أتصور، فهل يتحقق ذلك قريبا ونشهد هذه النقلة النوعية من التعليم؟!. [email protected]