وجهتُ تساؤلاً عن إحدى السنن النبوية الكريمة التي يتجاهلها البعضُ، ويجهلها البعضُ الآخر، ويخجل منها الكثيرون، بالطبع لم أجد إجابة شافية كافية، بل إن أحدهم حاول الإجابة، لكنه خجل من ذكرها بصراحة، وتحدثتُ مع بعض زملاء العمل عن الموضوع نفسه في أكثر من لقاء، فقال لي أحدهم: إن نصيحتي كلفته خمسمئة ريال، لكنه قالها وهو يضحك بصدق، وفي أحد الأيام وزعت عليهم قطع حلوى، اثنتين لكل واحد منهم؛ شرط ألاّ يتناولها إلاّ عند دخوله البيت؛ لتكون رائحة فمه جميلة، وبالتالي يكون قد طبّق إحدى السنن النبوية الطاهرة مع أهل بيته، وبالذات زوجته المصون، ولعل البعض عرف هذه السنة الجميلة -وكل السنن النبوية جميلة ورائعة- ربما يعتريني الخجل من ذكرها بصراحة مجاراة لواقع الحال في مجتمعاتنا، التي أصبح الخجل من الحقائق المريرة أكثر من الخجل من السفاسف وللأسف! يا جماعة بصراحة هذه السنة الرائعة هي أن تقبّل زوجتك عند خروجك للعمل، أو حتى للصلاة، وعند مقدمك بعد غيابك سويعات العمل، خاصة إن كانت هي تمارس معك اللعبة نفسها فتختبئ منك، وتبحث عنها، وكأنكما طفلان يلهوان مع بعضها، ثم إذا حصلت عليها ضممتها إليك وقبّلت جبينها، ولا بأس بالفم الطاهر الذي يذكر الله، ويتلو كتابه ويتحفك بكلمات الحب الرائعة!! عندما تزوجت قبل أقل من مئة عام، بحثت عمّن استعين به ليفهمني طبيعة الحياة الزوجية، بما يرضي الله، فلم أجد إلاّ نصائح شعبية سقيمة لا تسمن ولا تغني من جوع، تركز معظمها على الجانب الغريزي مثل قولهم: "اذبح بسّك ليلة عرسك"، فلما دخلت عالم الأزواج وجدت نفسي وحيدًا في الميدان لا توجيه، ولا إرشادات تخص هذه الحياة الجديدة تمامًا عليَّ، ولم أجد من الكتب ما ينير لي الطريق إلاّ "تحفة العروس"، وكتاب "حياتنا الجنسية"، وأمثالهما من الإصدارات التي تركز على الغريزة الجنسية، ولا تهتم كثيرًا بالاحتياجات الأهم في حياة الزوجين، وهذه من المصائب التي يتولّد عنها الكثير من حالات الطلاق المبكر بين العرسان في الأيام الأولى من الزواج، بل حتى يكاد الطلاق المتأخر جدًّا يتحوّل إلى شبه ظاهرة حيث ينفصل بعض الأزواج بعد مرور حوالى نصف قرن على زواجهما، ولذلك أصبح من الضرورة إلزام المقبلين على الزواج، وقدامى الأزواج أيضًا بحضور أكثر من دورة تثقيفية، كالتي تقيمها بعض الجمعيات الخيرية منذ سنوات، لكنها وللأسف ليست إلزامية، ومن المؤسف أن بعض من يحضر هذه الدورات هدفه الحصول على المكافأة المالية لا الاستفادة الفعلية منها! بعد حوارات مستفيضة مع بعض الأصدقاء والأهل حول هذه القضية خرجت بنتيجة واحدة، وهي أن الشباب من الجنسين يفتقدون التوجيه والمساندة من الكبار وخاصة الوالدين، وتتحمّل المدرسة، والمسجد، والمجتمع عامة نصيبهم من المسؤولية، وقد يكون سبب هذا الإهمال من قبل الجهات المذكورة هو عدم الإحساس بالدور الواجب القيام به من قبلهم نحو الناشئة، أو فقدان القدرة على أداء هذا الدور، بل ربما قد لا يشعرون بالمسؤولية هذه أصلاً، وقد لا يكون المجتمع عامة يدرك خطورة هذه القضية حتى اللحظة، أو أنه يعرفها بحذافيرها لكنه يصم أذنيه وينتظر قرارًا رسميًّا من جهات عليا للتفكير في المشكلة أو على الأقل للشعور بها، رغم أن كثيرًا من الناس قد يكون غارقًا فيها من أخمص قدميه إلى شحمة أذنيه، لكنه ينتظر المعجزة لتحل له المشكلة! [email protected]