سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أوليات محاربة داعش في تصوري أن جوهر الخطورة يكمن في هذا المنهج الأحادي التكفيري، وهو ما يجب على العلماء المسلمين ابتداء محاربته، وبيان طبيعة الضلال والزيغ فيه
بات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) يشكل خطراً ملموساً على الصعيد الإقليمي والدولي، وهو ما استدعى مجلس الأمن إلى تبنى قرار بموجب الفصل السابع لمحاربة تنظيم داعش وجبهة النصرة، وقطع مصادر التمويل عنهم، ومنعهم من تجنيد المقاتلين الأجانب. وواقع الحال فقد جاء هذا القرار متوافقاً مع توجهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي استشعر خطر تلك المنظمات منذ زمن سابق، وكان دعمه المالي الكبير وعمله الدؤوب لمكافحة إرهابها خير شاهد على صواب رؤيته. ولو تفاعل قادة العالم مع دعوته منذ المؤتمر الأول لمكافحة الإرهاب، لكان تكوين وجودها ضعيفاً، وتأثيرها منعدماً بشكل كبير، ولما أصبح الإرهاب تنظيماً عصياً على الزوال بشكل فردي، وصار له أتباع ومناصرون في مختلف أرجاء أوربا والغرب بوجه عام. على أن خطر تلك التنظيمات الإرهابية، وأقصد بها داعش ومثيلاتها، ليس عسكرياً وحسب، بل يكمن خطرها في طبيعة أفكارها، التي تقوم على حجر الحقيقة في منهج واحد، وقصر الصواب على مسار واحد، من آمن به كان على الحق وصار من المؤمنين، ومن خالفه وتبنى منهجاً ومساراً آخر كان على الباطل وأصبح من الكافرين المرتدين. في تصوري أن جوهر الخطورة يكمن في هذا المنهج الأحادي التكفيري، وهو ما يجب على العلماء المسلمين ابتداء محاربته، وبيان طبيعة الضلال والزيغ فيه. وفي يقيني فإن التقصير في هذا الفعل، وتخاذل العلماء والدعاة عن مواجهة هذا الفكر الإقصائي، وبيان ضلاله، هو ما أزعج الملك عبدالله، الذي طالب المشايخ والعلماء بأن يخرجوا من دائرة الكسل، وكأنه يريد منهم أن يطلقوا عنان قولهم، ويبذلوا جل وقتهم وطاقاتهم لمواجهة مختلف الأفكار الأحادية، التي قولبت توجهات كثير من أبناء مجتمعنا، وقسمت الرأي فيه إلى أبيض وأسود، جنة ونار. في حين أن الأمر على غير ذلك، مصداقاً لقوله تعالى{لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً} وقوله جل وعلا{ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين}، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على قيمة التسامح، المؤسسة للقبول بالآخر، بوصفه حقاً وليس باطلاً، حتى وإن اختلفت الآراء والمفاهيم، طالما وأنها تستند إلى القواعد الأصولية المتفق عليها عند أهل العلم. بمعنى ألا مشاحة في الاجتهاد، وأن الأصل في ديننا الإسلامي هو التوافق على أركان الإسلام الخمسة وأركان الدين المعتمدة، وما عداه فكل وما أدى إليه بصره وتفكيره واستدلاله. بهذه الصورة انطلق الملك عبدالله في تأسيس قواعد مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، وبجوهرها التسامحي تأسست منطلقات مركز الملك عبدالله للحوار بين الأديان والثقافات. وإيماني أن البناء عليها وتأصيلها ضمن إطار مجتمعنا عبر مدارس التربية والتعليم، ومن خلال منابر الجمعة، وفي مختلف وسائل الإعلام، هو من أوْلَى أوَّلويات إجراءات محاربة داعش وأخواتها. [email protected]