ما كادت مؤشرات أسعار حليب الأطفال الرّضع الذين لم يحرّكوا ساكنًَا في ضمائر بعض التجار تتراجع بانخفاض نسبته 27% عما كانت عليه في الفترة الماضية حتى أظهرت مؤشرات السلع الغذائية على موقع التجارة ارتفاع أسعار بعض السلع الغذائية الأخرى ويأتي في مقدّمتها السكر والأرز بالإضافة إلى زيت الطعام واللحوم في الوقت الذي احتلت أسعار الأرز قائمة السلع الأكثر ارتفاعًَا على المؤشر إذ بلغ الارتفاع في أنواعها نسبًَا تتراوح ما بين 2,64% إلى 42% ولقد طالت الزيادات أنواع متفاوتة من السكر بنسبة تتراوح ما بين 17,59% إلى 0,15% وكذلك الزيوت التي شهدت ارتفاعات بنسب مختلفة فضلًَا عن مجموعة القهوة العربية بالإضافة إلى اللحوم الحمراء عدا الدقيق الذي استقرّ عند سعره لأنه من إنتاج الصوامع.. وكل ذلك يأتي مع قرب شهر رمضان الكريم.. فما الذي يحدث كل عام؟. تشير الإحصاءات إلى أن المملكة تستورد أكثر من 1,3 مليون طن من الأرز منه 80% عن طريق الهند، 20% من باكستان. وفي كل عام ينهض تجار الأرز للدفاع عن ارتفاع الأسعار مرجحين الأسباب إلى مؤثرات خارجية من المصادر الرئيسة وإلى دخول أسواق أخرى فتحت أبوابها للاستيراد من تلك الدولتين وهي في إيران والعراق فضلًَا عن انخفاض إنتاج محصول الأرز في الهند هذا العام مقارنة بالسنوات الماضية بسبب قلة المساحات المزروعة وعوامل بيئية أخرى.. حتى أن مسؤول الرقابة في التجارة قد أوضح بأن أسعار الأرز البسمتي قد ارتفعت إلى 30% وتوقع الارتفاع بمعدل 5% مع شهر أغسطس معربًَا عن توقعه بارتفاع أسعار السوق المحلي..، أما الخبراء الاقتصاديون فيؤكدون بأن المستوردين الرئيسيين للأرز في المملكة لا يتعاملون بعدالة مع الأسعار العالمية ولا يترددون في رفع الأسعار مشيرين إلى أن ارتباط السوق المحلي مع السوق العالمي هو ارتباط (مصلحة) لأن السوق المحلي يتجاهل السوق العالمي حين ظهور مؤشرات انخفاض في أسعار الأرز عالميًَا بوجه خاص والمواد الغذائية الأخرى بوجه عام في حين يرفعون الأسعار فور حدوث ارتفاع طفيف في الأسعار العالمية وقد أوصى الخبراء بفكرة الخزن الاستراتيجي لضمان توفر فائض عام أو عامين مشيرين إلى ارتفاع الأسعار في المملكة مقارنة مع مثيلاتها من السلع في الدول المجاورة. فإلى متى يستمر هذا الوضع يا ترى؟ ولقد استرعت انتباهي إعلانات وزارة التجارة المستمرة التي تشير إلى ارتفاع الأسعار وعدم تجاوب التجار الأمر الذي يثير الدهشة! فمن أمن العقوبة أساء الأدب.. فأين العقوبات التي تكون تأديبًَا للجشع وتشهيرًَا للجشعين مثلما حدث من قبل ورادعًَا لأمثالهم..؟ أما ترك الأمر لضمائر وتصرفات وأخلاقيات التجار فهو أمر غارق في المثالية لا يسمن ولا يغني من جوع في زمن الجشع.. فإذا كان اقبال الشهر الكريم لا يحرك ضمائر المتاجرين في هذه السلع الغذائية المهمة للناس وليس ثمة رحمة للضعفاء الذين تأتي مصاريف شعبان ورمضان كاسرة لظهورهم شافطة لرواتبهم مضيفة المزيد من الديون التراكمية عليهم.. فكيف يهنأ لمثل أولئك التجار كسب مثل هذا المال ثم يذهبون للصدقة والزكاة في إعلانات تجارية ومشاركات في المسؤوليات الاجتماعية لا تمس شرائح الناس المحتاجة أبدًَا.!! بعض المتاجر ابتدعت فكرة كوبونات السلع ليتصدق من خلالها الناس على ذوي الحاجة قيمة الكوبون 100 ريال ولكن ماذا تفعل هذه المائة مع استمرار الغلاء؟ أليس ثمة رحماء في التجار يبتدعون سنة حسنة مع قرب شهر الخير فيخصصون دعمًَا للمحتاجين ويقررون تخفيضًَا للأسعار في السلع الضرورية مع قدوم رمضان مثل ما حدث وقرأنا عنه في متاجر (بكندا) تساهم في تشجيع المسلمين تضامنًَا معهم في شهر رمضان.. إنها مشاركات إنسانية المسلمون جديرون بها من غيرهم!! وفي المقابل نريد توعية إعلامية للناس الذين دأبوا على العادات السيئة التي تجعل رب الأسرة مرهقًَا في الوفاء بالتزامات شراء احتياجات رمضان في وقت واحد مما يرهقه ويساهم في زيادة الإقبال على المحلات التجارية ويشجعها على الاستغلال..، ولو جرّب الناس بدائل السلع وتركوا الشراء الإجمالي لكل الاحتياجات وتركوا غير الضروري لأجبروا التجار على خفض الأسعار. ومن جانب آخر إذا ما تم التفكير من التجارة في فكرة الخزن الاستراتيجي للأرز ربما أمكن مع الغرف التجارية - التي تصرف ميزانيات ضخمة في أوجه لا تدعم المستحقين - المساعدة في الحصول على قوائم السلع المخفضة مع تقديم دراسات بدائل الاستيراد للتجار وتوعية المستهلك بالأصناف الأقل سعرًَا ومساهمة في حث التجار على المشاركة في المسؤولية الاجتماعية وأظن أن هذه المسؤولية لا تقل أهمية عند الغرف التجارية عن دعم التجار والمؤتمرات المتتالية التي تعود بريعها عليها فضلًَا عن الاشتراكات والرسوم المتعددة..، إننا نتطلع إلى دور أكثر حضورًَا وتعاطفًَا مع السوق والناس من قبل الغرف التجارية ولعلها تساهم مثل جمعية حماية المستهلك الخاصة ببرامج تحمي المستهلك وتحرك ضمائر التجار. فقد أطلّعت على جهود الجمعية في سلع استهلاكية ضرورية في عدد من مراكز البيع الكبرى.. كما استرعى انتباهي ما نشرته الجمعية من إحصاءات تشير إلى ارتفاع الاستهلاك للأغذية عند السعوديين إلى (20) مليارا في رمضان مقارنة ب(7) مليارات شهريًَا طيلة العام.. وهو المؤشر الذي يغري بعض التجار بالاستغلال. دوحة الشعر: والناس في دنيا الفناء مراتب قاع السهول وهضبة وجبال واجمع من المال الحرام ستكتوي يومًَا به تتمزّق الأوصال [email protected]