استنتاجات متسرعة وواهمة تلك التي أطلقها السيد حسن نصرالله بعد إعادة "انتخاب" بشار الأسد. وليس أهمها قوله: (إن الحل السياسي يبدأ وينتهي مع الأسد)، فرأيه معروف بانحيازه الأعمى، وهو منذ بداية الأزمة لا يرى سوريا إلاّ بعين واحدة. لا مفاجأة أيضًا في إعجابه بهذه الانتخابات و"الملايين" التي صوّتت للأسد، لكنه لا يقول حقيقة تفكيره، فهو يعرف والجميع يعرف أنه يعرف أن الوضع الذي جهدت إيران لتركيبه في سوريا والإنجازات العسكرية التي حققتها تساعد النظام على البقاء وقتًا إضافيًّا زائدًا، لكنها لا تصنع حلاً سياسيًّا، لا مع الأسد ولا مع إيران، لأن حسن نصرالله كان يعني إيران عندما قال: (إن من يريد حلاً يجب أن "يتناقش" مع الأسد، أي: احكوا مع إيران). نعم، سيطرح الأسد ما يُسمّى عملية سياسية، وسيجد بعض الدمى ليشكّل منها حكومة جديدة، وسيستوزر بعض المعارضين الذين ترعاهم إيران مثلما استرشحت أجهزته شخصين ل"منافسته" على الرئاسة، وسيعيد النظر في الدستور الحالي والمستفتى عليه صوَريًّا، وعلى ما يُقال سيتخلى للحكومة شكليًّا عن بعض "صلاحياته" غير المتعلقة بشؤون الدفاع والأمن.. غير أن معضلة المعضلات في سوريا تكمن في الإدارة العائلية والفئوية لهذين الدفاع والأمن، وفي إخضاع كل المؤسسات بما فيها الجيش ل"شبّيحة" الأجهزة الأمنية، بل في تنشئة الأمنيين وتشجيعهم على تحقير الدولة والقضاء، والانتخابات والناخبين.. لذلك، فإن هذه "العملية السياسية" لن تكون حلّاً. ما يأمل به النظام السوري ورعاته الإيرانيون، وكذلك نصرالله وحزبه والميليشيات العراقية، فضلاً عن المقاتلين الشيعة الأفغان وغيرهم، هو أن يضطر المجتمع الدولي إلى الاعتراف ب"الأمر الواقع" الذي شكّلته الانتخابات السورية، معتقدين أن ما لا يُقبَل اليوم يُقبَل غدًا، فالحرب لا تزال مفتوحة. لكنهم يتجاهلون، واقعيًّا، أن هذا المجتمع الدولي أمهل الأسد طويلاً لكنه تجاوز الآن احتمال قبوله بحمولته الثقيلة من الدم والدمار والجرائم، فضلاً عن استحالة أن يقبله شعب سوريا حتى لو استعاد له الإيرانيون سيطرة كاملة. من الطبيعي أن يخصص حسن نصرالله كل إطلالاته للحديث عن "النصر" الذي تحقق لإيران في سوريا، لكن من شأنه أن يحذر، فالانتصارات في الحروب الأهلية تكون دائمًا ملغومة، ومن الخطأ الهرع إلى استخلاصات متهوّرة كالاعتقاد بأن الانتخابات الرئاسية والنيابية وحتى "صيغة الطائف" للنظام اللبناني يجب أن تخضع حتمًا للتطوّرات في سوريا. فهذا يفترض أن الاحتلال الإيراني للنظام السوري سيدوم ويقوى إلى الحد الذي يُلزم لبنان بانتخاب "الرئيس القوي" (الذي يريده نصرالله) للتكيّف مع هذا الوضع، أو بالأحرى للخضوع له. المزيد من الصور :