الحديث عن حاضنات الأعمال التقنية ودورها في إنشاء الشركات التقنية الكبرى، يقودنا أولاً إلى معرفة ما هي الحاضنات، فهي مؤسسات حكومية أو تجارية، قد تكون مستقلة أو تابعة لمؤسسات أو شركات كبرى. وتقوم حاضنات الأعمال (باحتضان) أي دعم ورعاية خطوات الابتكار التقني المختلفة وبصورة كاملة من خلال مساعدة رائد الأعمال (صاحب الاختراع) بتقديم مختلف أوجه الدعم والخدمات الأساسية التي تساعده على تطوير اختراعه وتحويله من مجرد فكرة إلى منتج قائم. وعادة ما تكون الحاضنات ناجحة عندما تتطابق رسالتها وأهدافها مع الاحتياجات المحددة لرواد الأعمال في الدولة التي تعمل فيها. وتهدف الحاضنات إلى تحقيق العديد من المزايا منها: خلق فرص الأعمال للمجتمع، وتعزيز مناخ ريادة الأعمال، وتنويع مصادر الدخل، واستمرارية الأعمال الناجحة، وتسويق التقنيات المبتكرة، فضلاً عن تحقيق الدخل للحاضنة والجهات العاملة فيها، ونقل الناس من الاعتماد على الدعم إلى العمل. وبدون حاضنات الأعمال تبقى الاختراعات غير ذات قيمة أو أهمية حتى يتم احتضان المخترع في الحاضنة، ويتم دعمه ورعايته لكي يتمكن من تحويل اختراعه إلى منتج يحقق قيمة للمستهلك، ويعود عليه وعلى المجتمع بالفائدة. ولقد أثبتت التجارب نجاحات باهرة للاختراع ولحاضنات الأعمال في إنشاء شركات عالمية كبرى مثل: جوجل، مايكروسوفت، آبل، سامسونج، نوكيا، فيس بوك، دروب بكس، وغيرها. ولن يقف الحد عند إنشاء الشركات فقط، بل تعدى ذلك إلى الاهتمام المتزايد للشركات العالمية بالاختراع وإنشاء حاضنات الأعمال وتخصيص مبالغ مالية طائلة للاستثمار في هذا الشأن؛ حيث تستثمر شركة «فايزر» أكثر من 9 مليارات دولار في مجال الاختراعات، وكذلك شركة «مايكروسوفت» مبلغ 8 مليارات دولار، و»جنرال موتورز» نحو 7 مليارات، ومثلها أيضاً «جونسن أند جونسن «7مليار دولار، لتقديم اختراعات جديدة ومنتجات مبتكرة. وتقودنا هذه النجاحات إلى أهمية الاستفادة منها، وأن نحذو حذوها بتطبيق هذا النموذج الرائع للشركات العالمية في المملكة للالتحاق بهذا الركب المتقدم. ورغم أننا في بداية الطريق، إلا أننا نسير في الاتجاه الصحيح (فمشوار المليون ميل يبدأ بخطوة)، ولقد كانت هذه الخطوة هي إنشاء «برنامج بادر لحاضنات التقنية بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية» والذي بدأ فعلاً في احتضان العديد من المشاريع التقنية المبتكرة للشباب السعودي من خلال ثلاث حاضنات متخصصة في مجالات (تقنية المعلومات والاتصالات) و(التقنية الحيوية) و(التصنيع المتقدم). ولقد نجحت بعض هذه المشاريع المحتضنة ب»بادر» في إنشاء شركات تقنية متميّزة تعمل حالياً في السوق السعودي، مما يؤكد دور «بادر» في استقطاب المبتكرين ورواد الأعمال السعوديين في المجال التقني ومساعدتهم في إنشاء شركاتهم التقنية، وتحقيق رؤية الدولة الهادفة إلى تطوير وتوطين التقنية في المملكة. نأمل أن تكلل جهود برنامج «بادر» وغيره من البرامج والمؤسسات التي تدعم المخترعين ورواد الأعمال السعوديين بالنجاح، لكي نرى قريباً في مملكتنا الغالية شركات تقنية كبرى تسهم في تنويع مصادر الدخل، وتوفير المزيد من الفرص الوظيفية للشباب السعودي. راشد الدوسري – جدة