سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هلاّ تأدبوا بآداب الحرمين الشريفين أولاً! إن نسبة من الحجاج والمعتمرين تفتقد أبسط أساسيات المعرفة بأركان وواجبات وسنن الحج والعمرة والزيارة، ويفتقدون أبسط آداب الزيارة واحترام قدسية بيت الله الحرام
الواقعة الشاذة التي حدثت الأسبوع الماضي وتناقلتها وسائط التواصل الاجتماعي وتمثلت في اتكاء أحد رجال الأمن المكلفين بالمناوبة عند الحجر الأسود بقدمه على الكعبة المشرفة، وما صاحب ذلك من استياء واسع وردة فعل سريعة وجاءت في وقتها من صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة الذي صرح بأن ذلك تصرفٌ لا يمكن تبريره أبداً ولا يمكن قبوله بأي حالٍ من الأحوال، وأمر سموه بإيقاف ذلك الجندي والتحقيق معه، كما أكدت بعض القيادات الأمنية بأن هناك دورات لتثقيف وتوعية الكوادر الأمنية المكلفة بالعمل في المسجد الحرام، قلت رُبّ ضارة نافعة فربما شاهدنا وشاهد بعض زوار وعمّار المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف تصرفات مشابهة لما صدر من رجل الأمن هذا وتعاملاً غير مناسب من قلٌةٍ من المكلفين رجالاً ونساءً بتنظيم الحركة والصفوف في الحرمين الشريفين وخاصة في مواسم العبادة التي تشهد ضغطاً بشرياً وكثافة عددية من الحجاج والمعتمرين والزوار. كما يبدو جلياً أنه مع ازدياد أعداد هؤلاء الحجاج والمعتمرين والزوار أن نسبةً منهم تفتقد أبسط أساسيات المعرفة بأركان وواجبات وسنن الحج والعمرة والزيارة، ويفتقدون أبسط آداب الزيارة واحترام قدسية بيت الله الحرام وأقدس بقعة على وجه الأرض، ومن أمثلة ذلك التدافع في المطاف والمسعى ورفع الصوت بكلام دنيوي لا طائل منه والإكثار من استعمال الهواتف الجوالة والكاميرات وعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية ولبس الرث من الثياب بل ورأينا بعضهم يلبس ملابس لا تليق في هذا المقام العظيم بيت الله المحرم أول بيت وضع للناس وأمام الكعبة المشرفة كالبنطلون القصير والملابس الشفافة للرجال والملابس الضيقة للنساء، يلاحظ ذلك أمام الكعبة المشرفة حول المطاف في بيت الله الحرام وكذلك يلاحظ ذلك أمام المواجهة الشريفة في الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة. وكثير من تلك الملاحظات والمشاهدات يلحظها بسهولة أي زائر أو معتمر وكذلك تنقلها قناتا القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة التي تنقل لحظةً بلحظة وثانية بثانية ما يدور في الحرمين الشريفين في بث مباشر إلى جميع أنحاء العالم، وكثيراً ما تنقل الكاميرات مناظر لا تسر المشاهد والمتابع من عدم التزام بآداب المكان والزمان. قلت إن المشاريع العملاقة التي كلفت بلايين الريالات ونفذتها ومازالت تنفذها حكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله لتوسعة الحرمين الشريفين والتسهيلات والتيسير في أداء الشعائر جعل أعداد المعتمرين والزوار تتضاعف سنوياً أضعافاً مضاعفة. لكن السؤال المهم هل صاحب كل ذلك برامج توعية وتثقيف جادة للحاج والمعتمر والزائر بأركان وواجبات وسنن الشعائر في بلاده وقبل قدومه للديار المقدسة في المملكة العربية السعودية وهل صاحب ذلك أيضاً تأكيد على قدسية الحرمين الشريفين وإلزام بأبسط آداب وسلوكيات الحاج والمعتمر والزائر في الحرمين الشريفين. إن المتدبر في آيات القرآن الكريم، يراها قد اهتمت بالحديث عن مساجد الله والمسجد الحرام وقد تكرر هذا الاهتمام في مواضع كثيرة منها ما يتعلق بالأمر بالتوجه إليه عند الصلاة حيث يأمر كل مسلم أن يتخذ زينته من اللباس المادي ومن اللباس المعنوي وهو التقوى قال تعالى: ((يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ...))، ومنها ما يتعلق بوجوب تطهيره وصيانته من كل رجس، ومنها ما يتعلق بحكم القتال أو العهود عنده، ومنها ما يتعلق ببعض أحكام الحج والملابسة له، ومنها ما يتعلق بسمو مكانته وعلو شأنه وقدره قال تعالى: ((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ...))، وسبقه لغيره في الفضل والشرف. إن المسجد الحرام جُعل للناس للصلاة فيه، والطواف به، ويحترمونه، ويستوي تحت سقفه الزائرون له من كل بقاع المعمورة والبلاد الأخرى، ولقد تحدثت الكثير من آيات القرآن عن مكانة المسجد الحرام، وعن سوء مصير كل من يحاول الانحراف عن الطريق القويم فيه، وهددت كل من يحاول ارتكاب شيء نهَى الله عنه فيه قال تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ...)). كما جاءت أحاديث نبوية تدل على فضل المسجد الحرام والمسجد النبوي لا يمكن حصرها منها: عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تشد الرحال إلاَّ إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول، ومسجد الأقصى"، وعن جابر بن عبد الله عن رسول الله قال: "إن خير ما ركبت إليه الرواحل مسجدي هذا والبيت العتيق"، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلاَّ المسجد الحرام". نسأل الله الهداية للجميع والالتزام بآداب الزيارة للحرمين الشريفين أدباً وتأدباً مع رب البيت والحرم. [email protected]