الرسالة التي نقلها الزائر الروسي عن بشار الأسد ليست موجَّهة إلى فلاديمير بوتين. الرئيس الروسي يُدرك تمامًا أن الأسد ليس فيكتور يانوكوفيتش.. لا حاجة للأسد إلى أن يُذكّره بأنه باقٍ، حتى وإن دمّرت سوريا. لا ضرورة لأن يُحدِّد له موعد انتهاء الأعمال العسكرية. موسكو ليست مستعجلة. سنة أو أكثر لا فرق. فالحرب الباردة لا تزال في أوّلها بينها وبين واشنطن، والنزف السوري يبقى ورقة روسية رابحة في أي مقايضة محتملة. كلام الأسد أشبه برسالة إلى من يهمه الأمر. فيه قدّم نفسه مجددًا ضمانة للاستقرار في سوريا. وعبره عرض عناوين عريضة ل"برنامجه" الانتخابي، تاركًا لضيفه توقّع ترشّحه وفوزه، لأن "غالبية" الشعب السوري - حسب توهّمه - ستُعطيه صوتها. منذ الاتفاق الكيميائي بين واشنطنوموسكو، بات شبه مؤكد أن الأسد سيترشح لولاية جديدة. عاد الرجل إلى المعادلة السياسية ونجح حلفاؤه في قلب المعادلة العسكرية لمصلحته. وأخيرًا، بدأت تتوالى الإشارات هنا وهناك إلى أن الموسم الانتخابي انطلق. بعد القانون الانتخابي الذي يمنع معارضي الخارج من الترشح، انطلقت سيمفونية التأييد لولاية جديدة للأسد. وفي وقت واحد تقريبًا، حصل على دعم واضح ومباشر من إيران عبر الأمين العام ل"حزب الله" حسن نصرالله بقوله: إن مرحلة إسقاط الأسد انتهت، وآخر غير مباشر من موسكو من خلال كلام رئيس الوزراء الروسي سابقًا سيرغي ستيباشين. بالمعايير الدولية، ليس مألوفًا مشهد إعادة انتخاب رئيس متهم بالمسؤولية عن حرب أهلية. ولكن لا العالم الذي أظهر عجزًا فاضحًا عن تطبيق القوانين الدولية في الحرب السورية، قادر على منع الأسد من الترشح، ولا الأسد يبدو في وارد الوقوف عند رفض الغرب لخططه. أما بمعايير حلفائه، فيبدو الرئيس السوري في أفضل موقع للترشح منذ بدء الانتفاضة السورية. ميدانيًا، استعاد النظام جزءًا كبيرًا من المناطق التي كانت سقطت في أيدي الثوار، وآخرها في منطقة القلمون وفي ضواحي دمشق، بغض النظر عما إذا كانت هذه المناطق تحوّلت ركامًا، وصار أهلها لاجئين في دول الجوار. دوليًا، لا يمكن للأسد أن يحلم بظروف أفضل. الاشتباك الغربي - الروسي في أوكرانيا يُعزِّز على الأقل حتى الآن، تمسُّك الكرملين بالأسد.. بعد حرب دموية دخلت سنتها الرابعة، وعلى رغم سقوط أكثر من 140 ألف قتيل، لن يكون لسوريا رئيس جديد هذا الصيف. فبينما ينشغل العالم فيما إذا كان يجب إنهاء نزع الأسلحة الكيميائية السورية أولًا أو دعم المعارضة السورية، أم فرض عقوبات على الكافيار الروسي قبل الفودكا، صار في حكم المؤكد أن الأسد سيُنتخب لولاية جديدة، وليس مستبعدًا أن نفيق قريبًا على شرق أوكرانيا دولة مستقلة، وربما أيضًا.. جزءًا من روسيا!. المزيد من الصور :