قبل أيام قلائل فقدت المدينةالمنورة الدكتور عبدالبديع الزللي ذا الشخصية المرموقة التي تتمتع بحسن الخلق وطيب السجايا والتواضع الجمّ والوفاء بالمواعيد والاستقامة بالقول والعمل، سليل أسرة فاضلة من أسر المدينة المعروفة، حمل همومًا كبيرة وكثيرة في خدمة طيبة الطيبة ومجتمعها في مجال تخصصه، فهو عالم من علماء البيئة بالمملكة العربية السعودية لا يشق له غبار في هذا المجال وأمثاله في هذا الفن قليل وخاصة بالمدينةالمنورة، ولكن لا يقتصر همّه البيئي على المدينةالمنورة فحسب بل يتعداه الى الوطن الكبير الغالي، فيسعى إلى نشر ثقافته في مجال تخصصه من خلال المجلات والصحف واللقاءات التلفزيونية والاذاعية اضافة إلى المحاضرات التي ألقاها في المناسبات العامة والخاصة والبحوث المتقنة، فهو استاذ جامعي في طيبة الطيبة لا يسعى لبهرجة إعلامية أو السباق ليتصدر المجالس العامة والخاصة ما لم يكن له دور في نشر ثقافته البيئية لتعميم الفائدة، فإذا تحدث عن البيئة ونتائج سلبياتها على المجتمع الخاص والعام وعن آثار احتباس المياه الجوفية في بعض المدن المكتظة بالمباني والمأهولة بالسكان تشنف له الاذان وتصغي له القلوب، فهو موسوعة في علم البيئة متميز في مجال اختصاصه في جامعة طيبة، وليس فحسب بل لا يبخل في نشر العلم البيئي والتحذير من عدم استقراء المستقبل في المدن والقرى ويسعى لرسم خطط مستقبلية لمواجهة آثار البيئة السلبية على الكائنات الحية مع تقادم الاعوام. فقد عرفت هذه الشخصية منذ أكثر من عشرين عاماً، و قد استكتبته كثيراً في مجلة الأمانة التي واكب رحمه الله ميلادها عام 1411ه حتى مغادرة أمين منطقة المدينةالمنورة السابق قبل سنتين معالي المهندس عبدالعزيز الحصين المشرف العام على المجلة التي أطفأت شعلتها بمجرد مغادرة معاليه كرسي أمانة المدينةالمنورة، فلم يعتذر الدكتور الزللي رحمه الله يوماً من الأيام عن المشاركة في هذه المجلة التي طاف عمرها عن عشرين عاماً. وكان الدكتور الزللي معينًا متدفقًا حال بينه وبين الاستمرار بالعطاء قاطف اللذات رحمه الله رحمة واسعة، والحديث عنه وعن ما قدمه في مجال تخصصه يحتاج إلى سلسلة طويلة من المقالات، إلا أنني اتوجه لذويه ولمحبيه بخالص التعازي لعالم البيئة واناشدهم بالعناية بالإرث المعرفي الذي خلفه، فهو إرث معرفي تشمل فائدته البشرية على مرّ العصور إذا اعتني به بجمع شتاته. فرحمك الله رحمة واسعة أيها الرجل الفاضل فقد رحلت ولم يرحل إرثك المعرفي.. والله المستعان. f-d-aljohani@hotmail.com