سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بكتيريا حليب الصغار.. تلوث واعتذار ! سارعت التجارة إلى سحب كميات من الحليب الملوث، مما يؤكد أن دورها قد عاد للظهور بعد سبات كاد يفقد الأمل لدى المستهلك
حليب أطفال ملوث يتم اكتشافه، والهيئة العامة للغذاء والدواء تحذر منه، وتسحب كمية هائلة تقدر بأكثر من 420000 (تخيل عزيزي القارئ قرابة نصف مليون)عبوة من أسواقنا بسبب استخدام بروتين مصل الحليب المُركّز المُلوّث ببكتيريا الكلوستريديوم بوتولينيوم، وهذه المنتجات تم تصديرها إلى عدد من الدول بما فيها المملكة العربية السعودية، الشركة تقول: "إنها سحبته احترازيًا"، في حين نُقل عنها اعتذارها مرجعة سبب التلوث إلى وجود أنبوب في المصنع مصاب بالبكتيريا، والحكومة النيوزلندية ترسل وفدًا للتأكد حرصًا على سمعة اقتصادها، ووكيل الشركة المصنعة يجتمع في الهيئة للاتفاق على آلية سحب المنتج!. تأتي بعد ذلك تطمينات على استحياء بأن الهيئة العامة للغذاء والدواء وبعد التحريات التي قامت بها اتضح أن هذه المنتجات الملوثة لم تفسح بعد من قبل الهيئة ولم تصل إلى الأسواق، ونظرًا لخطورة هذا النوع من البكتيريا ستقوم الهيئة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإتلاف هذه المنتجات، لضمان سلامة المستهلك!. مشهد أثار الرعب في نفوس الآباء والأمهات خوفًا على فلذات أكبادهم، وبخاصة أن البعض قد غذاهم منه وبكميات لا يعرف حصرها، وأصبح في حالة من الترقب والهلع!. والمتابع لهذه القضية يجد فيها من الإيجاب والسلب الشيء الكثير؛ فهيئة الغذاء والدواء بات المستهلك يشعر بدورها، وإن كانت إعلاميًّا دون المستوى المأمول، ومما يُطمئن المرء على جودة مسارها ودورها الفاعل هو وجود رابط بينها وبين الصيدليات، بل وحتى وكلاء المنتجات بات لا يصرّح لهم إلا بعد موافقتها ووجود رابط بينها وبينهم، مما يوحي بثبات في الخطوات ودقة في سلامة المنتجات، وما سحب المنتج عن طريق الوكيل إلا دليلاً واضحًا على ذلك كله. والتجارة أيضًا سارعت إلى سحب كميات من هذا المنتج، مما يُؤكِّد أن دورها قد عاد للظهور مرة أخرى بعد سبات طويل كاد يُفقد الأمل لدى المستهلك. أما الإعلام فقد أصبح الصوت الذي يجمع المسؤول بالمستهلك وبات مصدرًا موثوقًا حتى في النواحي التوعوية أو الأمور الخطيرة كالتحذير من هذا المنتج، والصحف الإلكترونية على وجه الخصوص سلكت مسلكًا رائعًا جعلها مصدرًا جيدًا لمثل هذه الشؤون، وبخاصة إذا تم إسناد أخبارها لجهات حكومية. وكم راق لي هذه المرة الإعلان عن اسم الشركة المصنعة وهي شركة (فونتيرا) كواحدة من أكبر المصادر لمنتجات الألبان في العالم، والشركة المصنَّع لها وهي (أبوت)، وذكر وكيلها في المملكة أيضًا، ويبدو أننا تجاوزنا مرحلة التحفظ غير المبرر الذي نستخدمه أحيانًا، وكان مثيرًا للدهشة، وذلك حين نقول قامت إحدى الشركات، أو نذكر الدولة فقط دون ذكر صاحب المنتج أو المصنع. لكن في المقابل هناك شريحة لا يُستهان بها في مجتمعنا لا تُتابع الإعلام بكافة وسائله، وليس لها اهتمام بالإنترنت على الإطلاق، ولهؤلاء كان يفترض توزيع منشورات في الصيدليات أو وضع لافتات كبرى تُحذّرهم من شراء هذا المنتج، وعلى حساب الوكيل، بحيثُ يتم تبليغ ولي الأمر أن يتوقف عن شراء هذا المنتج مؤقتًا، وأحسب أن ذلك من صالح الشركة ذاتها، وقد ثبت أن صيدليات (ليست من الصيدليات الكبرى بطبيعة الحال) تبيعه بل وتوزع معه هدية، وقد تم تصويرها وبث ذلك على مواقع إخبارية، مما يعني الحاجة للتوعية بطرق مختلفة (ولو كانت تقليدية بعض الشيء) لتصل الرسالة للجميع. جميل أن تؤكد وزارة التجارة أن توزيع المنتج تم عبر وكلاء معتمدين، مما يعني وجود قاعدة معلومات لديهم، فهم يعرفون كم كانت الكمية الموزعة وعلى من تم التوزيع، وكان يفترض تتبع ذلك بشكل سريع لسحب المنتج في غضون يوم أو يومين إن لم نقل ساعات محدودة، فسلامة أطفالنا تستحق منّا تحرّكًا أكثر سلاسة وأسرع تحرّكًا. وكم كان سخيفًا اعتذار الشركة، والذي أرجو أن تتاح لي فرصة قادمة لكي أتناوله في مقال خاص. أما في ختام المشهد، فلا أود أن أتطرق إلى جانب العقوبات حتى يصدر تقرير مراكز متخصصة كمركز الملك فيصل للأبحاث أو مختبرات عالمية معتمدة مختصة في تحليل بكتيريا الكلوستريديوم بوتولينيوم كما أشارت الهيئة، وحينها لا تقتصر المطالبة على العقوبة بل تتعداه إلى تعويض كل طفل ثبت تناوله لهذا المنتج الملوث تعويضًا مجزيًا. [email protected]