المملكة العربية السعودية قَلْب العالم الإسلامي النابض، ذلك القلب الذي يحتضن قِبْلَة أكثر من (مليار وستمائة ألف مسلم)، والذي يستقبل سنوياً أكثر من (13 مليون حاج ومعتمر) تختلف جنسياتهم ولغاتهم وثقافتهم، ولكن يجمعهم الإسلام والمحبة والسلام. تلك البلاد التي تنعم ولله الحمد بالأمن والأمان حقها أن تكون داعية وراعية للسّلام العَالمي، الذي يحقق للبشرية التعايش في سِلْم وتعاون بعيداً عن النزاعات والحروب والدّمَار. ولذا جاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقَافات لتحاول نَزع فَتِيل الصراع بين الشعوب، ومعالجة المشكلات بدواء الحوار الهادف البناء الذي ينطلق من عَالمية الإسلام وإنسانيته. فبين الشعوب على اختلاف انتماءاتها وثقافاتها قواسم مشتركة للتعايش وإعمار الأرض، تدعمها وتُرَسّخُها قِيم إنسانية نبيلة لا بد من إحيائها وتفعيلها بالحِوار. ذلك الحِوار الذي يقوم على الإيضاح والتسامح وليس الجدل. حِوار أهم أُسسه التأكيد بأنّ دين الإسلام هو دين العدل والمساواة والمحبة والأخوة الإنسانية، وليس الإرهاب والتّطرف. حِوَار منطلقاته التواصل ومعرفة الآخر، وهدفه التعاون والتآلف لإيجاد أرضية مشتركة للالتقاء الإنساني؛ لتأتي الثمرة بالتعايش بين الناس على اختلاف ثقافاتهم بكرامة وعدل وأمن وسلام، وصيانة للأخلاق والمُثُل العُلْيَا. ومبادرة خادم الحرمين الشريفين التي تُوجت بمركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات تُؤَسّس لهذه الفضيلة، وتبحث عن غرسها ونشرها. وتلك (المبادرة) تحتاج للمزيد من الدعم والتفعيل من جميع المؤسسات. واليوم وفي العاصمة الإندونيسية (جاكرتا) تنطلق ندوة علمية تنظمها الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بالتعاون مع مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، والجامعة الإسلامية الإندونيسية. وتلكم الندوة التي يشارك فيها نخبة من العلماء والمفكرين تسعى لتفعيل تلك المبادرة ندعو الله تعالى أن يبارك في تلك الجهود، وأن تحقق أهدافها فيما يخدم الإسلام والمسلمين والبشرية جمعاء! [email protected]