زُرتُها أصيلاً قبل عقدٍ من الزمن، وما أجمل الأصيل على شاطئ الوجه، حيث تحسُّ بأن الهواءَ النقيَّ لم يدخلْ أيَّ رئةٍ قبل رئتيك، كما تشعر بأن الأمواجَ تتسابقُ للترحيبِ بكَ، وتدعوكَ إلى التعمّق أكثر، لكنني لا أُجيد فنَّ العومِ، وبحرُ الوجهِ أشدُّ نقاءً وصفاءً من غيره، تمامًا كقلوبِ أهلِ الوجهِ، والوجهُ -كما يعلمُ الأعزاءُ- مدينةٌ ساحليةٌ جميلةٌ تقع على الشاطئ مباشرة، وللشاطئ ذراعٌ تحتضنُ الوجهَ؛ لذا تزيدها زرقةُ البحر جمالاً، وهي إحدى محطات طريق الحاج المصريّ قديمًا؛ وقد كانت ميناءً مهمًّا خلال العصور الإسلامية، حيث أسهمت في خدمة النقل البحري، سواءً كان نقل البضائع، أو الركاب. ويُعتقد أنّها كانت الميناء البحري للحجر (مدائن صالح). وتنوّعت العمارة التقليدية بالمنطقة وتعدّدت أنماطُها حسب المواد المتوفرة من البيئة المحيطة، وتميّزت عمارة المدن الساحلية منها: حقل وضباء والوجه وأملج باستخدام الحجر الجيري، والطين، والنورة موادَّ أساسية للبناء، واشتهر الوجهُ بقلةِ الماءِ قديمًا، ويتناقلُ الشعراءُ بيتًا من الشعر يقول: إذَا قَلَّ ماءُ الوجهِ قلَّ حياؤه ولا خيرَ في وجهٍ إذَا قلَّ ماؤه والخير في الوجهِ -إن شاء الله- فقد زاد به الماءُ، حيث محطات التحلية، لذا فقد زاد جماله: إذا زادَ ماءُ «الوجه» زادَ جمالُه ويلقاكَ بالوجهِ البشوشِ رجالُه فكلُّ وجوهِ النّاسِ في «الوجهِ» فرحةٌ وأنعمْ ب»الوجهِ» قدْ تحسّنَ حالُه فلا عادَ ل»الوجهِ» الجميلِ جفافُه إذَا شاءَ ربُّ العرشِ جلَّ جلالُه وقد تكون تسميتها ب»الوجهِ» جاءت من وجه الحجاز، بمعنى أنه أول نقطة يراها، وينزل بها القادم برًّا وبحرًا من إفريقيا والمغرب، وتشير بعض المصادر إلى أن اسم الوجهِ مشتقٌ من المواجهةِ والمقصود بها مواجهة ركب الحجيج في طريق عودته من الحجاز إلى مصر، ولا أجمل من الوجه، لأنّه يجمع الكثير من المحاسن!! وتشتهر الوجه بشوارعها وبأسماء حاراتها القديمة، وعرفت الوجه الصهاريج، وهي من أشهر آثار الوجه، ويعتبر ميناء الوجه من أكثر موانئ البحر الأحمر جمالاً؛ ممّا يجعله عامل جذب سياحي خاصة لهواة الغطس، واكتشاف الأعماق والباحثين عن صيد الأسماك، ولاسيما جراد البحر (الاستاكوزا) الذي تتميّز به محافظة الوجه عن غيرها، علمًا بأنها تؤدّي دورًا مهمًّا! والوجه لها تاريخها العريق، الذي يؤكّد أهميتها التاريخية، حيث كانت من محطات الحج الرئيسة لحجاج مصر والشام وبلاد المغرب العربي، وفيها العديد من الشواطئ الساحرة، ومن آثارها قلعة الزريب التي بُنيت عام 1026ه - 1617م، في عهد السلطان أحمد الأول على طريق الحج المصري؛ لتكون حصنًا لحماية قوافل الحجاج والمواد التي يختزنونها كمؤونة أثناء عودتهم من الأراضي المقدسة، وتُعدُّ الآنَ من أهم الآثار الباقية في الجزء الشمالي الغربي من المملكة، وهي مبنية من الحجر تتميّز بطرازها المعماري، لها أربعة أبراج، ويقع مدخلها في الجزء الغربي، وفيها بركتان لتخزين الماء، وهي من سلسلة القلاع لحماية الحجيج، وسوق تراثية تقع السوق القديمة في الجزء الشمالي للميناء أسفل الهضبة التي تقع عليها محافظة الوجه الحديثة، وقد شهدت السوق القديمة حركة تجارية ضخمة، حيث كان يمر عليها الحجاج القادمون من المناطق المجاورة، وهو ما يفسر ازدهار الوجه طوال قرون عديدة دون غيرها من المدن الأخرى، كما اشتهرت الوجه بطيبة أهلها وعلوّ هممهم، وتسنّم بعضهم مراكز قيادية في الوطن الحبيب. المزيد من الصور :