أكد اقصاديون وأكاديميون أنّ التركيز على مشكلة التستر التجاري بات ضرورة ملحة يجب العمل على حلها خاصة بعد أن أصبحت ظاهرة تنخر في جوانب اقتصادية واجتماعية وسياسية في المملكة، مؤكدين أن مشكلة البطالة وتفاقمها لن تحقق التقدم المرجو ما لم يتم النظر في قطاعات تسيطر عليها العمالة الوافدة غير النظامية بشكل كامل. وشدّدوا على أنّ إقامة المنتديات الاقتصادية وتزامنها مع الحملات الأمنية لمكافحة التستر التجاري والعمالة غير النظامية، لا تضع غير السعودي هدفًا لها، مؤكّدين أن وجود غير السعودي في المملكة بشكل نظامي يعد ضرورة، مشيرين إلى استفادة المملكة في جوانب عديدة من خلال وافدين مخلصين وأمناء مشهود لهم، إلا أنّ وصول قطاع التجزئة وبعض القطاعات الأخرى إلى سيطرة العمالة الوافدة غير النظامية بشكل كلي يدعو إلى العمل بشكل صارم على تفعيل وتحديث الأنظمة لحل إحدى أهم مشكلات الاقتصاد الوطني. وأوضح الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الزامل رئيس مجلس إدارة غرفة الرياض أن العمالة المخالفة لأنظمة الإقامة والعمل تؤثر سلبًا على المواطنين والمقيمين على حد سواء، مشيرًا إلى ضرورة التركيز على أنّ عقد المنتديات الاقتصادية وإقامة الحملات الأمنية وغيرها من الأنشطة الحكومية والمجتمعية لا تهدف إلى نبذ الآخر أو الإساءة لغير السعوديين، مبينًا أنّ التستر التجاري في أي من القطاعات يقوم بإضعافه وبتقليل جودة منتجه. وأضاف الزامل أنّ إيجاد أنظمة واضحة ومحددة تلتزم بها كل الشركات والقطاعات من شأنها أن توفر فرصة العمل للسعوديين وجعلهم هدفًا في التدريب والتوظيف، مشيرًا إلى أنّ تجربة الهيئة الملكية في الجبيل وينبع في توظيف السعوديين والاعتماد عليهم في وظائف ميدانية أثبت خلالها الشباب السعودي نجاحهم وقدرتهم على شغل أي وظيفة يتم فيها توفير المقابل المناسب، مشيرًا إلى أنّ تحجج بعض الجهات بالفروقات المادية في توظيف غير السعودي مقارنة بما يطلبه السعودي لا بد أن يحكمها تقييم لما تتطلبه الوظيفة من مؤهل وقال: «ليس من المعقول أن يتم عرض مرتب شهري بسيط لوظيفة تتطلب شهادة عليا، ثم يتحجج صاحب العمل بعدم إقبال السعوديين». خطورة التستر وأكد عبدالخالق سعيد عضو اللجنة الصناعية بغرفة جدة على الخطورة البالغة التي تمثلها العمالة المتستر عليها في نشاط الاقتصاد الخفي بالمملكة، مشيرًا إلى أنّ وضع هذا المحور ضمن الموضوعات الرئيسية التي يناقشها منتدى جدة التجاري من شأنه أن يقف على تداعياته وتفشي هذه الظاهرة، وقال: «التقاء رجال الأعمال بالأكاديميين وصناع القرار من شأنه أن يخرج بتوصيات تمثل مختلف الأطراف» مبينًا أن تسرب المليارات للخارج لا بد من ضبطها والوقوف عليها من خلال استحداث أنظمة وسن قوانين تحد منها. مطالبًا بفتح أبواب العمل الحرّ في القطاعات التجارية للشباب السعودي وتوجيههم إليها عبر خطط استراتيجية واضحة خاصّة أن الشباب السعودي المؤهلين للعمل يجدون مضايقات بأساليب ملتوية تعمل على إبعادهم عن خوض غمار البدء في العمل الحر وخاصة في قطاع التجزئة الذي تسيطر عليه العمالة الوافدة بشكل كامل وخاصة تلك غير النظامية. قوانين وأنظمة فيما أكد عبدالحكيم السعدي نائب الرئيس التنفيذي في مجموعة العيسائي أن العمالة المتستر عليها هي في الأصل غير نظامية وبالتالي فإنّها لا تعتمد في عملها على القوانين والأنظمة والمنافسة الشريفة، مشيرًا إلى تسبب تلك العمالة في الكثير من المخالفات الصريحة في سوق العمل خاصة في التسويق وإغراق السوق بالبضائع المغشوشة، مشدّدًا على أنّ تفشي هذه الظاهرة وسيطرتها على عدد من القطاعات جعلت من سوق المملكة بيئة مناسبة منذ سنوات للكثير من الممارسات السيئة في سوق العمل. من جانبه أرجأ أستاذ الإدارة الاستراتيجية وتنمية الموارد البشرية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور عبدالوهاب القحطاني ارتفاع معدل البطالة في المملكة إلى عدة أسباب مشيرًا إلى أن ظاهرة التستر التجاري تعد من أهمها لما تحمله من أبعاد تنخر في العديد من الجوانب منها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، مضيفًا أنها تسببت في التضخّم والتهرب من دفع الزكاة والتأثير على المنافسين السعوديين الحقيقيين، وأغلقت جميع فرص العمل الحرّ أمام الشباب السعودي. وشدّد القحطاني على ضرورة معالجة هذه الظاهرة والنظر إلى ما تسببه من نتائج سلبية بشكل عاجل من خلال تطبيق الرقابة الصارمة على أي من النشاطات التجارية بالإضافة إلى تفعيل وتحديث الأنظمة للمساعدة في حل إحدى أهم مشكلات الاقتصاد الوطني، مشيرًا إلى أنّ القضاء عليها سيتيح قدرًا كبيرًا من الخيارات والفرص أمام الشباب السعوديين، خاصةً أنّ نشاطات تجارية كبيرة وواسعة تقع تحت وطأة العمالة المتستر عليها.