سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
زلزال إيران والأخذ بالعبر هل يكفي الاستغناء بالفهم العلمي التجريبي واتخاذ الاحتياطات المادية للتوقي من أضرارالزلازل والبراكين ، أم يجب الأخذ في نفس الوقت بالاعتبارات العقدية والشرعية؟
هز جنوب شرق إيران صباح يوم الثلاثاء الماضي زلزال قوي قيل إنه الأعنف الذي يضرب البلاد منذ نصف قرن بلغت قوته 7,8 على مقياس رختر شعرت به العديد من المدن و مئات القرى المحيطة بإيران شرقاً في الهند و باكستان و في عواصم دول مجلس التعاون الخليجي غرباً التي فزع سكانها للشوارع هرباً خوف انهيار الأبنية والمنازل غير المصممة لتحمل الزلازل وقد أمتد تأثير الهزة الأرضية حتى بلغت الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية ، كما سادت مخاوف تسرب الإشعاعات النووية من مفاعل بوشهر الإيرانية في جنوب غرب إيران التي شهدت هي الأخرى زلزالاً بقوة قدرها 6,3 على مقياس رختر منذ أسبوع واحد فقط سابق أسفر عن مقتل 40 شخصاً ، ويقع مفاعل بوشهر كما هو معلوم على مسافة لا تتعدى 200-300 كم من الكثير من عواصم دول الخليج العربي ، ويقول المسؤولون الإيرانيون أنه محصن ضد الزلازل حتى مستوى 8 على مقياس رختر. ويقترح أن تأخذ عواصم دول الخليج العربية بالاحتياطات المادية التي يوصي بها الخبراء فالمنطقة منطقة زلازل نشطة ، و من أهم تلك الإحتياطيات تبني أنظمة بناء خاصة «كود» بتقوية الأبنية و المنازل و المنشآت والمرافق العامة منذ مرحلة التصميم والتشييد لمقاومة الزلازل ، وكذلك تشكيل قوة طوارئ في كل دولة للعمل على التخطيط والتدريب على التعامل مع الحالات الكارثية التي تصاحب الزلازل وسواها من الكوارث الطبيعية. لكن هل يكفي الاستغناء بالفهم العلمي التجريبي واتخاذ الاحتياطات المادية للتوقي من أضرارالزلازل والبراكين وبقية الكوارث الطبيعية كما يحب أن ينحو الماديون بيننا ، أم يجب علينا الأخذ في نفس الوقت بالاعتبارات العقدية والشرعية. . من الناحية الشرعية ونظراً لأن الحكمة الإلهية قد اقتضت بأن تكون العلاقة بين الخالق تعالى والمخلوقين علاقة تفاعلية حية تعتمد مبدأ الثواب والعقاب والترغيب والترهيب ، وتستخدم فيها الظواهر الكونية كآلية من آليات الترغيب والترهيب الرباني للبشرية فإن أحسن الناس كافأهم الله بالحياة الآمنة الطيبة ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ) ، وإن هم خرجوا أوحتى تزحزحوا عن المنهج الرباني جاءتهم المصائب في الأنفس وفي الكون على قبيل التخويف والتحذير بهدف إعادة الحسابات والعودة للنهج الرباني ( وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً ) ، ولا يمنع كل من التصورين أن تقع مخالفات البشر ضمن إطار زمني سبق فيه علم الله أن ستكون فيه ظواهر طبيعية متزامنة مع المخالفات الشرعية فيتوافق الحدث الكوني مع المحذور الشرعي ليقع التأديب الرباني. وهذه التحذيرات الربانية ليست حكراً على الأقوام الخارجين عن النهج الرباني بالكلية كما وقع لمدينة بومبي الإيطالية عام 79 م و هي حاضرة بَحْرية اشتهرت بتفشي أنواع المعاصي والمجاهرة بالذنوب ، فأهلكها الله ببركان عظيم فدفنت المدينة بمن فيها وما فيها فمن امرأة كانت تطهو إلى صانع يجود صنعته أو مجرم متلبس بمعصيته ، دفن الكل دون استثناء تحت رماد و حمم البركان لقرون وحفظ الله أجساد الناس والحيوانات فيها و تحجر الناس على أعمالهم ساعة الهول العظيم حتى تم اكتشافها في القرن الثامن عشر لتكون عبرة لمن يعتبر ، وقد تقع هذه النذارات حتى في الإسلام بل وفي القرون الخيرية في الإسلام من ذلك ما حدث من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، حينما زُلزلت المدينة على خلافته في عام 20 ه ، فأسرع رضي الله عنه إلى المنبر وخطب الناس قائلاً «أيها الناس ما هذا ؟، ما أسرع ما أحدثتم ، لئن عادت لأخرجن من بين ظهرانيكم.» وقد تزلزل جبل ُأحد على زمن النبي صلى الله عليه و سلم شوقاً للنبي ومحبة له ، فالإسلام دين المحبة والتجانس مع كل المخلوقات فقال صلى الله عليه و سلم : «إنه جبل يحبنا ونحبه «، و ضربه صلى الله عليه و سلم كما جاء في البخاري بقدمه الشريف وقال له ( أثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان ) فثبت الجبل. فاللهم احفظ بحفظك عبادك المسلمين من الزلازل والبراكين والأعاصير وكل الكوارث الطبيعية التي أخذت تزداد في العقود الأخيرة ، و ألهم عبادك المسلمين النظر للأمور بنورك المبين وأخذ العبر و الالتزام بميزانك العدل والاستقامة على نهجك القويم. آمين.