السائل (أحمد سالم) :سمعتك في محاضرة تقول : اليمّ لم يرد بمعنى البحر في اللّغة، وانّ فرعون لم يغرق في البحر الأحمر، وهذا لا يعرف لأحد من المفسرين ؟ الفتوى89: لم أقل : إنّ اليمّ لا يطلق على البحر في اللغة، بل الذي نقلته عن أهل اللّغة أنه يطلق على البحر وعلى لُجَّته وعلى النّهر، وقلت : إنّه لا دليل في القرآن على أنّ فرعون وقومه أغرقوا في البحر، لوجوه ستة : أحدها : أنّ «اليمّ» ذكر في القرآن في ثمانية مواضع، منها أربعة في إغراق فرعون وجنوده، وهي «فَأغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ» [الأعراف:136 ]، وقوله سبحانه «فَغَشِيَهُمْ مِّنَ الْيَمِّ مَاغَشِيَهُمْ» [طه:78 ]،وقوله «فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ» [القصص:40]، وقوله :»فَأخَذْناهُ وَجُنُوْدَها فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ» [الذاريات:40]، وليس في حرف واحد منها التصريح بإغراقه في البحر، يؤيده الوجه الثاني : وهو أن بقية مواضع «اليمّ» ليس فيها ما يدل على ان المراد به البحر، ومن ذلك «اليمّ» الذي ألقي فيه موسى وهو رضيع . يقويه الوجه الثالث : وهو أن جميع آيات ضرب العصا في البحر وإنجاءِ موسى ومجاوزتهم، ليس فيها إلا ذكر البحر، لم يذكر في شيء من آياتها اليمّ . الوجه الرابع : أنّ فرعون وفريقا ممن كان معه يعلمون صدق موسى وأنّ ما جاء به من آيات هي من عند الله، ولكنهم جحدوا بها ظلما وعلوّا، ومن البعيد أن يروا معجزة فلق البحر بأعينهم، ثم لا يظنوا أنها معجزة لإنجاء موسى ثم إهلاكهم . الوجه الخامس : أن فرعون وهامان وجنودهما كان لديهم من العقل المعيشي والحرص على الحياة وجبن الجبابرة في مثل هذه المواطن ما يجعلهم يتكعكعون في مواطن الخوف والهلكة، فكيف لا يكون منهم ذلك في أعظم مواطن الخوف والحذر . الوجه السادس : أنه قال في إهلاكهم «فَنَبَذْناهُمْ» والنَّبذ إلقاءٌ وطرح، كقوله تعالى «كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ» وهذا يصدق على من كان خارج الشيء ثم ألقي فيه، لا على من كان داخل الشيء ثم غَمَره الماء أو غيره، وقد يورد بعض المتأملين إشكالات، سأوردها وأجيب عنها في الجزء الثاني من الجواب بإذن الله . [email protected]