أوضح الكاتب الصحفي والفنان الفوتوغرافي صالح موسى صالح إدريس أن كتابه «المدينةالمنورة نور المدائن» قد استغرق إعداده أكثر من عام ونصف العام واشتمل على معلومات وصور نادرة، مرجعًا الفضل في ظهوره -من بعد الله سبحانه وتعالى- إلى صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود، مبينًا أنه وجد من سموه كل الدعم لنجاح هذا المشروع الذي اعتبره حلم حياته، وقدم إدريس الكتاب هدية لأمير المدينةالمنورة وأهلها وزائريها بمناسبة اختيار المدينةالمنورة عاصمة للثقافة هذا العام.. كذلك أشار إدريس إلى مشروعاته الأربعة التي يتطلع إلى إنجازها في المستقبل.. وما قدمته من إنجازات خلال 30 عامًا في مسيرته مع التصوير الفوتوغرافي في سياق هذا الحوار.. * المدينة تحتفي هذه الأيام باختيارها عاصمة للثقافة.. فماذا عن كتابك الذي أعددته عن طيبة وما حوى من معلومات وصور؟ قصة هذا الكتاب عجيبة، فقد كان حلمًا بالنسبة لي أن أعد كتابًا عن المدينةالمنورة، هذه المدينة التي هي خير المدن بعد مكةالمكرمة بيت الله الحرام، بل وأعشقها وأحب أهلها على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى التسليم، فإني بطبعي أحب المدينة كثيرًا، ففي البقيع قبر والدي، وكان رحمه الله من محبي المدينة، وكان كثيرًا ما يزورها، وقد سافرت مرة مع عائلتي ووالدي وأنا في الخامسة عشرة من عمري ولي صور بها ولوالدي أيضًا، فقد صورت يومها المساجد السبعة والتي لم يبقَ منها سوى مسجد الفتح ومسجد سلمان الفارسي المجاور للخندق وانشئ مسجد الفتح بالقرب من الخندق أيضًا، وهو مسجد ضخم وبناؤه رائع، وفي عام 1424 كلفت بعمل تحقيق شامل عن المدينةالمنورة لمجلة «أهلًا وسهلًا»، وكان ضمن هذا التحقيق الصحفي عن المدينة إجراء لقاء موسع مع صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود، والذي رحب بدوره بي وبالمصور الفوتوغرافي الذي صاحبني في اللقاء بل وأكرمنا أيما إكرام، فالتقيته وكان حوارًا رائعًا نشر على ثلاث صفحات بمجلة «أهلًا وسهلًا»، وأثناء اللقاء قدمت له كتاب «جدة تاريخ وحضارة» كهدية، وتحدثنا سويًا في فكرة عمل كتاب عن المدينةالمنورة فأعجبته الفكرة، وطلب مني أن تكون الطباعة فخمة ولائقة، وأن يشتمل الكتاب على معلومات قيمة وصور مشرقة عن هذه المدينة الطيبة، وبدأت في إعداد خطة العمل التي عرضتها عليه لاحقًا، فذلل لي كل الصعاب من خطابات وتصريحات للتصوير في أرجاء المدينة للمعالم والمآثر والمسجد النبوي الشريف، فكان بحق صاحب الفضل بعد توفيق رب العزة والجلال في أن يرى الكتاب النور. واحترت في البداية في اختيار اسم الكتاب بعد أن جمعت أكثر من 27 كتابًا وثائقيًا صدرت عن المدينةالمنورة وقرأتها جميعًا وكان أن وفقني الله باختيار اسم «المدينةالمنورة نور المدائن»، والذي راق لسموه وأعجب به أشد الإعجاب، وكان تنفيذ الكتاب والتصوير له وتصنيفه وتقسيم أبوابه بالنسبة لي رحلة بدأتها وشددت الرحال لإكمالها فاستغرقت قرابة العام ونصف العام حتى صدر الكتاب، وفي هذه الفترة تعرفت على أهل المدينة من رجال أعمال ورجال علم ومسؤولين إضافة إلى مزارعها ومآثرها وطرقاتها ومساجدها وجبالها وتلالها وسدودها ووديانها، حيث عرفت عنها معلومات حقيقية كنت أجهلها ويجهلها كثير من المسلمين في أصقاع الأرض فالحمد لله الذي وفقني لذلك، وكلمة شكر ووفاء للأمير المحبوب مقرن بن عبدالعزيز الذي لن أنسى له دعمه ومؤازرته واستقباله لي كلما أنجزت مرحلة واحتجت مشورة، وكنت أطلعه أولًا بأول على الخطوات المنجزة في الكتاب حتى صدوره، ولا أنسى كل من كان يعمل في مكتبه حيث كان حماسهم أيضًا كبيرًا لمساعدتي، فجزاهم الله خير الجزاء، ويضم الكتاب الوثائقي هذا كل ما يريد أن يعرفه زائر المدينة عنها وعن زيارة المسجد النبوي وزيارة قبر المصطفى عليه الصلاة والسلام ونسبه الشريف من الكتاب والسنة، وتضمن صورًا جميعها حديثة لم تنشر من قبل، ولم يفتني ذكر المعالم والأحداث العظيمة التي مرت على المنطقة مثل البركان الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم وحدث عام 654 وصورته من الطائرة بكل وضوح وصورت عددًا من مواقعه التي كان يثور فيها وصورت المزارع من الطائرة أيضًا وذهبت إلى مزارع النعناع والورد الذي تشتهر به المدينةالمنورة وصورت جبل أحد وهنا أوضح أمرًا يجهله كثير من الناس وهو أن جبل أحد ليس الجبل المقابل لموقعة أحد وجبل الرماة فحسب وإنما هو سلسلة جبال تمتد إلى أكثر من 7.5 كيلو متر تقريبًا وأجمل صورة التقطت له هي صورة المدينةالمنورة بانوراما حيث تظهر معظم المدينةالمنورة ومن خلفها جبل أحد كاملًا. والمدينة تسمى أم الوديان لكثرة الوديان التي تصب مياهاها نحوها وأشهرها وادي العقيق المبارك ووادي بطحان ووادي رانوناء ووادي قناة وجبل سلع وعليه ثنية الوداع التي أنشد الأنصار من عليها: طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع احتفاء بالرسول صلّى الله عليه وسلّم. وصورت بقايا قصر عروة بن الزبير المشرف على وادي العقيق، وصورت موقع سقيفة بني ساعدة، والذي بويع فيه أبوبكر الصديق رضي الله عنه وهو الآن حديقة تقع بقرب مكتبة الملك عبدالعزيز، وقبر حمزة بن عبدالمطلب عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومصعب بن عمير في شهداء أحد ومسجد قباء ومسجد القبلتين ومسجد الميقات الكبير ومساحته 88000 متر مربع ويعتبر ثاني أكبر مسجد بالمدينة بعد المسجد النبوي الشريف وتشرفت بفضل الله وكرمه بتصوير الروضة الشريفة ومكان مصلى النبي ومكان منبره الذي كان يخطب في الناس من عليه صلّى الله عليه وسلّم، وكنت من شدة فرحي ورهبة المكان أترك الكاميرا أنا ومسؤول شؤون الحرمين الذي صاحبني أثناء التصوير ونصلي لله ركعتين مرة في مصلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم ومرة عند المنبر فهي روضة من رياض الجنة نسأل الله أن يوردنا حوضه ويديم الأمن والرخاء على هذا البلد خاصة وسائر بلاد المسلمين عامة.. كذلك أفردت للحرم أيامًا للتصوير لأنه كبير جدًا، فصورت القباب المتحركة والمظلات والأعمدة والزخارف الرخامية الرائعة.. وكتبت بإسهاب وإيضاح عن التوسعة منذ أن بنى المسجد نبي الأمة صلى الله عليه وسلم حتى يومنا هذا إلى أن جاءت التوسعة السعودية الكبرى وأصبح المسجد آية في الروعة والجمال وفيه كل الخدمات التي تسهل على الزوار زيارتهم وتبعث على الاطمئنان في صلاتهم وركزت في عدستي على أشياء غفل عنها الكثير من الفوتوغرافيين من قبلي لذلك ومن فضل الله سبحانه وتعالى امتلك عددًا هائلًا من الصور للمسجد النبوي من الداخل والخارج والحمد لله. وبمناسبة اختيار المدينةالمنورة عاصمة للثقافة لهذا العام أهدي للمدينة وأميرها وأهلها وكل من زارها محبًا متلهفًا هذه القصيدة من أعماق وجدي: هذي المدينة طيبة الفيحاء بيت النبي وطابة الغراء نور المدائن أشرقت أنوارها عند العقيق وحول رانوناء فيها معالم بارك الله بها سلع وثور ومسجد بقباء احد بها .. نحبه ويحبنا أنعم به وبنوره الوضاء إن غبت يومًا اترك الوجد بها وبقربها للقلب راحة وشفاء يا حر شوقي للمدينة من بها خير الخلائق صحبة السعداء من يسكن عند الجنان سيسكن وتستقيم أموره فيفارق الأهواء من حوضه المؤمنون سيشربوا وسينعم الأخيار والفضلاء من صدقوا من عاهدوا من جاهدوا عند النبي وبعده الشهداء خذني إليك حبيب كل المسلمين أنت الشفيع وسيد الشفعاء في منبرٍ حول المصلى روعة يطيب ذكر الله في روضةٍ غناء عند الحبيب المصطفى وبقربه بأبي وأمي يارسول الله يفديك الفداء 30 عامًا خلف الكاميرا * خلال مسيرتك قدمت العديد من الصور.. فأيها تراه الأبرز؟ هذا سؤال مهم وصعب في نفس الوقت لأنني خلال مسيرتي مع الكاميرا لأكثر من ثلاثين عامًا وجدت أن ما يكون في نظري صورة جميلة رائعة قد يكون في نظر غيري ممن يشاهدونه غير ذلك ولا تحمل الكثير من الإبداع والعكس كذلك فأحيانًا كنت ألتقط صورة وأرى أنها في نظري عادية قد لا أبذل في التقاطها الجهد الكبير فأرى الناس يبدون فائق إعجابهم بها وينعتونها بالإبداع والجمال وعلى كل الأحوال فالتوفيق من الله سبحانه وتعالى ولكن هناك لقطات ابداعية جميلة أنا اعتز بها واتفق بها مع كثير ممن شاهدوا الصور من محبين وعشاق لهذا الفن الرائع مثل صورة جدة (الكورنيش) الجوية ومثل صورة جدة البانورامية والتي أعتبرها من أجمل الصور الملتقطة لمدينة جدة لأنها تصور جدة العروس من شمالها إلى جنوبها ليلًا وقد بلغت هذه الصورة الآفاق واهديت إلى عدد من الدول العربية وكانت هدية ضمن كتاب جدة تاريخ وحضارة والذي أهدي من صاحب السمو الملكي محافظ جدة الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز إلى عدد كبير من ملوك ورؤساء دول العالم ثم بعد ذلك تشرفت بأن ابدأ بتصوير المسجد النبوي الشريف ومعالم مهمة من المدينةالمنورة حيث كانت أجمل وأفضل الصور التي التقطها على الإطلاق صورة الروضة الشريفة والتي تقع ما بين منبر النبي وقبره عليه افضل الصلاة والسلام والصورة حقيقة عندما تراها لا تملك إلا الصلاة على المصطفي عليه الصلاة والسلام وتحلق بقلبك وجوارحك شوقا إلى هذه الروضة والتي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم (ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة) حديث صحيح رواه الشيخان (البخاري ومسلم)، وهناك عدد من الصور التي اعتز بها ولاقت استحسانًا لدى جمهور المهتمين.