أعلنت الإدارة العامة للمرور مؤخرًا بدء تطبيق ما تحسبه عقوبات مشددة على ممارسي التفحيط، تبدأ بالسجن مدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة مالية لا تقل عن 5 آلاف ريال على كل مفحط يتسبب في إصابة إنسان. وأمّا في حالة التسبب في وفاة، فتصل العقوبة إلى سجن لمدة لا تقل عن عام وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف ريال. وإضافة إلى ذلك تُحال القضايا للجهات الشرعية لأخذ الحق الخاص. خطوة جيدة، لكن! معلش يا سعادة اللواء عبدالرحمن المقبل: هذه عقوبات مخفَّفة جدًّا، ثم هي ليست رادعة للحدث قبل وقوعه، وإنما للمعاقبة بعد وقوعه مشروطًا بإصابات تؤلم أو تقتل. الأصل يا ذوي الألباب أن تقع المخالفة على المفحط فور مباشرته التفحيط، فهو حتمًا مشروع قتل جاهز، وهو قبل ذلك يتحدّى الأنظمة والتعليمات مخاطرًا بحياته وحياة الآخرين بكل صفاقة واستهتار. الملاحظة الأخرى هي عن مدى جدية تطبيق مخالفات التفحيط طالما كانت خاضعة للتقدير البشري على خلاف ساهر. أخشى أن يتدخل فيتامين الواسطة، أو تتدخل وجاهة عائلة المفحط لتُخلي سبيله، باعتبار أن تقدير رجل المرور غير مناسب، أو غير عادل. ودعوني أخمّن: سيمر علينا زمن ليس بالهيّن قبل أن نعترف بأن هذه العقوبات الجديدة غير كافية لأسباب عديدة، وسنلجأ لعقوبات أشد وطأة، لكن بعد فوات الأوان، بعد أن ترتفع أعداد الوفيات والإصابات والتلفيات وغيرها. وكنتُ قد سمعتُ منذ أمدٍ أن أول عقوبة للمفحط هي سحب سيارته، وربما مصادرتها؛ باعتبارها آلة قتل أو تدمير، وباعتبار أن الذي اشتراها لا يحسن استخدامها فيما صُنعت له، كالسكين التي تُصنع لاستخدامات المطبخ، ثم تُغرز في صدر بريء! مصادرة السيارة -ولو لفترة محددة- تجمع بين حسنيين، كف أذى المفحط، وإيلام صاحبها إن كان أبًا، أو كان هو مالكًا مباشرًا. في نظري لا بد من تجريم فعل التفحيط في أي مكان عام، فهو فعل غير رشيد في ذاته، سواء نجا الآخرون من شروره، أو ذهبوا ضحيته. [email protected]