أكد وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد بن سليمان الجاسر أن المملكة أول دول المنطقة تجري التعداد الاقتصادي الشامل وفق معايير وآليات دولية معتمدة، مشيرًا أنه أعطى تعليمات صريحة بوضع جميع التقارير والمعلومات على الموقع الإلكتروني للوزارة قبل وصولها إلى يديه، تحقيقًا لمبدأ الشفافية وحرصًا على تحديث الإحصاءات الاقتصادية بصفة دائمة. واستغرب الجاسر خلال استضافته في مقعد (تجار جدة) بقاعة صالح التركي بالغرفة التجارية الصناعية ظهر أمس(الأربعاء) تشكيك بعض الجهات في الأرقام المتعلقة بالأسعار وإنفاق الأسرة والدخل الوطني الصادرة عن مصلحة الإحصاءات العامة التابعة لوزارته، وقال الجاسر بحضور الشيخ صالح كامل رئيس مجلس إدارة غرفة جدة وكوكبة من الاقتصاديين ورجال الأعمال ومجتمع جدة: «إن البعض شكك في المعلومات التي تحدثت عن وجود (60%) من السعوديين يسكنون بالإيجار في نهاية العام الماضي 2012م»، مشددًا على أن المسح الذي اعتمده التعداد الاقتصادي شمل الذين يسكنون في الأحراش والجراشات والأماكن الشعبية، وأظهر وجود (3) ملايين أسرة سعودية تقيم في منازل لا تمتلكها، في مقابل (1.8) مليون أسرة تمتلك البيوت أو الشقق التي تسكنها، كما أوضح التعداد أيضًا زيادة حجم القطاع الخاص في المملكة بنسبة (15%) عما كان عليه في السنوات الماضية، نتيجة ضم الكثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي كانت خارج النطاق الإحصائي، الأمر الذي برهن على مساهمة القطاع الخاص ب(58%) من نسبة الدخل الوطني بدون النفط». واعترف الجاسر في حوار شفاف مع تجار جدة أنه كان يخجل عندما يسألونه في اجتماعات مجموعة العشرين الاقتصادية عن الإحصاءات ربع السنوية للمؤشرات الاقتصادية بالمملكة وذلك خلال ترؤسه لمؤسسة النقد العربي السعودي، الأمر الذي دفعه عقب توليه وزارة الاقتصاد والتخطيط أن يحرص على عدم تأخير صدور المعلومات وضرورة تطبيق المعايير العالمية وتحديث البيانات بشكل مستمر، مشيرًا إلى أنه أكد في أول اجتماعاته مع مصلحة الإحصاءات العامة على ضرورة أن تصل التقارير والمعلومات خصوصًا المتعلقة بالأسعار والدخل الوطني وحجم الإنفاق والسكن إلى الناس قبل وصولها إلى يد الوزير. وأكد أن وزير الاقتصاد والتخطيط أن الميزانية الضخمة التي أعلنت عنها السعودية مؤخرًا تعكس حجم ومتانة الاقتصاد السعودي بين الاقتصاديات الكبيرة في العالم، كاشفًا أن معدلات التضخم تقف عند حاجز 2.8%، مشيرًا أن عوامل التضخم لن تؤثر على مستويات النمو في الاقتصاد السعودي خلال الفترة المقبلة، في حين حدد التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي في تنفيذ المشروعات بكفاءة عالية. وأوضح الجاسر أن حجم الإنفاق الذي حصل العام الماضي إضافة إلى حجم الإنفاقات المتوقع البدء بها خلال العام المقبل تعطي مؤشرًا كبيرًا جدًا على استقرار السياسة المالية والاقتصادية في المملكة، ومآلاته المستقبلية، مؤكدًا أنها تسير باتجاهات جيدة في كل المجالات، وشدد على أن التحدي الأكبر يتمثل في تنفيذ توجيهات خادم الحرمين الشريفين ورفع كفاءة الاقتصاد، وإنفاق هذه الأموال بالشكل الذي سيعود بالنفع على الاقتصاد السعودي والمواطنين ورفع كفاءة الاقتصاد. وقال: «إن التضخم دائمًا هاجس لكل صانعي السياسة المالية والاقتصادية ولا يجب الاستهانة به، ولكن حجم الإنفاق الحكومي في الفترة السابقة جعل القدرة الاستيعابية للاقتصاد السعودي قوية وكبيرة جدًا، كاشفًا أن مقياس التضخم الجديد يقف عند نسبة 2.8%، لافتًا إلى أن حجم سلة الاستهلاك السعودي زاد نمطها بشكل كبير جدًا، وأن تلك المعدلات معقولة في ظل النمو الذي تشهده البلاد، وذكر أن الإنفاق حجمه كبير جدًا ولكن حسن الإنفاق ورفع إنتاجية الاقتصاد سواء من ناحية إنتاجية اليد العاملة أو إنتاجية المؤسسات والمصانع والجهات الحكومية القائمة على ذلك سوف يؤدي إلى رفع حجم الاقتصاد مع المحافظة على معدل معقول للتضخم». وأشار وزير الاقتصاد إن للتنوع الاقتصادي مؤشرات كثيرة أحدها نسبة مساهمة القطاع الخاص السعودي، التي ارتفعت إلى 58% من الاقتصاد، مضيفًا: «ارتفعت الصادرات السعودية غير البترولية من 26% في عام 2001 إلى 37% في عام 2012»، مشيرًا أن هذا التنوع يجري في الاقتصاد السعودي، ولا بد أن يستمر ويتصاعد، معتبرًا نموه بالمتصاعد رغم سيطرة البترول، مضيفًا: «القطاع غير البترولي ينمو بوتيرة ممتازة ويجب الاستمرار في هذا الاتجاه في تنويع مصادر الدخل، كما هو حاصل في قطاعات التعدين وفي بناء شبكات السكك الحديدية التي ستساعد على توزيع رقعة الإنتاج في هذه البلاد المترامية الأطراف، ونقل إنتاجها إلى الأسواق العالمية بيسر وسهولة». ولفت الجاسر إلى أن الاقتصاد السعودي يمر بمرحلة مزدهرة بجميع عناصر السياسة سواء المالية أو النقدية أو الهيكلية بالنسبة للاقتصاد، مشيرًا إلى أن التحديات تتمثل في تنفيذ هذه الحزمة من المشروعات بكفاءة عالية على المستوى الحكومي ومستويات قطاع المقاولات والصناعة والخدمات والأفراد أيضًا، مبينًا في سياق ذي صلة أن المملكة تنافس الصين في مستويات النمو إذ وصلت نسبة النمو داخل القطاع الخاص إلى 7.5% من إجمالي النمو، وأضاف: «رفع إنتاجية الاقتصاد هو التحدي الأكبر الذي يواجهنا وهذا يشمل قطاع العمل وقطاع الإدارة الحكومية وقطاع المقاولات وقطاع الصناعة وقطاع الخدمات الذي أصبح يشكل جزءا كبيرا من الاقتصاد السعودي». وكان رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة الشيخ صالح بن عبدالله كامل أعترف في بداية جلسة المقعد بأن وزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد بن سليمان الجاسر اضطرهم على كسر الأنظمة واللوائح المتبعة في (مقعد جدة)، وقال: «اقترح علينا معالي الوزير أن يقام اللقاء ظهرًا وليس في المساء كما هو معتاد حتى لا يأتي على حساب عائلات المشاركين والحاضرين، وجاء الحضور الكبير أكثر من المتوقع نظرًا للشعبية التي يتمتع بها الجاسر وثقل المهمة الموكلة على كاهل وزارته والتحديات الكبيرة التي تواجهها وارتباطها الوثيق بقطاع الأعمال على وجه الخصوص وحياة المواطن بشكل عام». وأضاف: «لقد عرفت البشرية التخطيط والاقتصاد منذ آلاف السنين، ومنذ أول وزير للاقتصاد والتخطيط في العالم سيدنا يوسف عليه السلام، ثم أرشدنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على ضرورة الاقتصاد في حياتنا من خلال تقسيم الدخل على ثلاث، ثلث للأهل وثلث للعمل، والثلث المتبقي للمستقبل، ونحمد الله أن الخطوات الرائعة للمملكة العربية السعودية على الصعيد الاقتصادي جعلتها ضمن أفضل (20) دولة في العالم ومن أقوى وأمتن الاقتصاديات الموجودة في المنطقة»، وجاء قرار حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (يحفظه الله) بفصل وزارة الاقتصاد والتخطيط عن المالية قرارًا صائبًا ساعد على تحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، آملين أن يساهم الوزير بجهوده الدؤوبة في تحقيق آمال وتطلعات مجتمع الأعمال وتعزيز مكانة السعودية الاقتصادية إقليميًا وعالميًا.