برزت لدينا مؤخرًا ظاهرة تعثر بعض المشروعات، وتخطت أعدادها وقيمها وأحجامها المعدلات المقبولة، وأصبحت جديرة بالاهتمام والدراسة والتدخل لحلها، حيث قُدِّر إجمالي قيمة المشروعات المتعثرة خلال الأعوام الأربعة الماضية حوالى تريليون ريال، أي 40% من حجم قيمة المشروعات في هذه الفترة والتي تجاوزت 2,5 تريليون، الأمر الذي ينذر بظهور العديد من الآثار السلبية على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، مما يحرم المواطنين من الخدمات المقدمة لهم وفق رؤية خادم الحرمين الشريفين. كشف نائب رئيس الهيئة الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد عن وجود ثلاثة آلاف مشروع متعثر، مؤكدًا أنه يجري الآن رصد جميع أعمال المقاولين في تلك المشروعات، مشددًا على أن أي مقاول يتم تسجيل ملاحظة عليه، سيوضع في قائمة مع الملاحظة المقيّدة ضده حتى إذا ما تقدم لمشروع حكومي آخر، يكشف عنه، في إشارة منه إلى ما يُشبه (القائمة السوداء)، موضحًا أن هناك مشروعًا لديه يُسمَّى مؤشر النزاهة لرصد التفاصيل المتعلقة بذلك كافة، حتى يكون مرجعًا ثابتًا للجهات كافة. شكرًا لنزاهة، فالمشروعات المتعثرة بسبب الفساد، يعني أن هناك جريمتين وقعت بحق المجتمع، الأولى أكل المال العام بغير وجه حق، والثانية، أنه تمت ترسية هذه المناقصات أو المشروعات على من لا يستحقها، مما فوّت فرصة استفادة الناس ومنفعتهم بهذا المشروع لسنين قادمة، وقد ينجح وقد يفشل. يجب على نزاهة أن تتصدى لمثل هذه المخالفات الإدارية، لأنها واضحة في عدم الالتزام بقواعد العمل في المشتريات الحكومية، وخصوصًا المبالغة في تسليم المشروع لمقاولي الباطن واحدًا تلو الآخر، حتى تضيع المسؤولية ويختزل قيمة المشروع للربع أو أقل؛ من أناس غير أكفاء، أو غير مؤهلين، وبدون محاسبة. قائمة نزاهة السوداء للمقاولين هي الأولى، ولكن نحتاج قائمة سوداء ثانية، تضم الطرف الثاني، وهم الجهات الحكومية المشرفة، ثلاثة آلاف مشروع متعثر في وقت واحد؟ في وقت إقرار أفضل ميزانيات في تاريخ المملكة؟! يعني أن المسؤولين عنها يضيّعون على الوطن فرصًا تاريخية للارتقاء بنا للأمام، لذلك أتمنى على نزاهة تصنيفهم في (قائمة سوداء أخرى) تضم كل الذين تولوا كبره منهم.