قد لا يستوعب العقل مقدار الفقر الذي يعاني منه السوري رغم أنه يعيش في دولة تعتبر غنية بمواردها. تعد سوريا بلداً مكتفياً بنفسه, و تشكل الزراعة ما يقارب 26% من اجمالي الإنتاج المحلي، و الصناعة تشكل 27% من الإنتاج المحلي، وإنتاج380 ألف برميل من النفط يومياً، ويشكل احتياطي الغاز 241 مليار متر مكعب، وتعد السياحة أيضا مورداً مالياً وتشكل 7% من الإنتاج المحلي. ولم يغير توريث حافظ الاسد السلطة لابنه بشار أي شيء من الواقع الاقتصادي، بل أوصلت الهيمنة الإقتصادية والمحسوبيات والأمتيازات لأناس مقربين من النظام سوريا إلى أكثر الدول فقراً، ما أدى لخلق فجوة اقتصادية وانعدام الطبقة المتوسطة التي تعتبر أوسع شريحة في المجتمع. وإذا ما تحدثنا عن الامتيازات القريبة من عائلة الاسد فهذا لا يعني حصرها بالأقرباء، فهناك الكثير من رجال الأعمال المستفيدين من نفوذ السلطة، استطاعوا كسب إمتيازات كثيرة والتحكم بموارد الشعب السوري، . وفي حال استثنينا الأقارب في الفقرة السابقة هذا لا يعني أن نغض البصر عن أكبر المحتكرين والمتحكمين بمصير الشعب السوري، وعلى رأسهم رامي مخلوف الذي يعتبر من أكثر أغنياء سوريا، وأمبراطور وقائد أوركسترا الإقتصاد السوري في الألفية الثانية، والراعي الأول والمسير لأملاك بشار الأسد، حيث يستولي رامي مخلوف على 60% من قطاع الاتصالات، والمالك لمعظم أسهم شركة سيرياتل للإتصالات، وله العديد من المصالح والشركات والمجموعات التجارية، وغالبية المناطق الحرة على طول الحدود مع لبنان، كما يتمتع رامي مخلوف وأخوته بالحصانة والإعفاءات التامة من الضرائب الجمركية. وفي ظل إنتفاضة الشعب السوري فرض الإتحاد الأوروبي عقوبات على مخلوف وأمواله، بسبب اتهامه بتمويل الشبيحة لقمع المظاهرات عبر جمعية البستان، التي ساهمت في تنظيم العديد من المجازر في بلدات و قرى السنّة غرب العاصي، وعمله على تلميع صورة الأسد، ورعاية المسيرات الموالية للنظام.وليس رامي مخلوف هو الوحيد المتنفذ من العائلة في السيطرة على خيرات البلاد، بل هناك العديد من الشخصيات الأخرى والكثيرة المقربة من آل الاسد، أمثال خلدون مخلوف الذي يستولي على قطاع السياحة , وهارون الأسد الذي يعمل تاجراً بالممنوعات تحت أنظار الدولة، أما قطاع انشاء الطرق وقسم من التجارة الخارجية فقد سيطر عليه «ذو الهمة شاليش» المقرب من والدة بشار الأسد، وهو المرافق الدائم لحافظ سابقاً وبشار حالياً. وكان لإنطلاقة ثورة الخامس عشر من آذار، أثرٌ كبير في تراجع الإقتصاد السوري ، حتى صار المواطن السوري يأكل لقمة عيشه بملعقة الموت، بسبب توقف الأعمال، وتوقف مئات الورش وإغلاق الكثير من المصانع, والسياحة التي أصبحت معدومة، والنقل الذي بات في تراجع كبير. ولقد انعكس الوضع الإقتصادي بمؤشرين رئيسيين الأول هو معدل البطالة المرتفع، والثاني هو انخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار إلى قرابة 100 % من معدل الإنخفاض، وهذا ينعكس مباشرة على ارتفاع الأسعار وزيادة معدلات الفقر، ولم يبرح النظام بالأكتفاء بالظروف الإقتصادية والغلاء الذي سببه المقربون منه بل بات يحاسب الناس على لقمة عيشهم، حتى وصلت به إلى قصف المخابز آخر أماكن لقمة عيش السوري. رغم الظروف التي عصفت بها، إلا أن سوريا الثورة تحاول القضاء على فساد الماضي والتطلع لإقتصاد سوري جديد، وهذا ما ستثبته الأيام القادمة!! عدوية الأمين - جدة