نشرت أكثر الصحف خبر استعادة لجنة مراقبة الأراضي وإزالة التعديات بمحافظة جدة 18 مليون م2 أراضٍ حكومية معتدى عليها من أحد الأشخاص الذين استولى عليها دون صك شرعي أو مستند أو تصريح نظامي يخوّله امتلاكها، وقام بتقسيمها وإحاطتها بالعقوم الترابية وزرع الأشجار، وفتح شارع بعرض عشرة أمتار، بهدف تضليل وخداع المواطنين وإيهامهم بأنه يمتلكها فعلياً، ومن ثم توزيعها على مكاتب العقار وبيعها للمواطنين مجزأة على شكل قطع سكنية صغيرة!!. اللجنة قد أشعرت المعتدي أكثر من ثلاث مرات بمراجعتها، وتقديم ما لديه من مستمسكات شرعية أو تصاريح نظامية وعدم الإحداث في الموقع، إلا أنه لم يثبت ذلك، وعلى ضوئه تمت إزالة جميع الإحداثات في الموقع. الخبر السعيد فيه استخفاف مزدوج، لو لديك قطعة أرض تملكها حقيقة مساحتها 600 متر مربع ولكن الصك مفقود، أو به خطأ، لا يمكن لك وضع مسمار فيها بدون تصاريح نظامية، ولن يعمل معك أحد، ولن يساعدك حتى المقاول الأجنبي بدون تصريح البلدية، وهنا أرض مساحتها 4,5 كيلو متر في 4,5 كيلو متر، يعني تسير فيها الركبان، والسيارات، وتساوي حجم مدينة صغيرة، مثل عرعر، في الحدود الشمالية، تسوّر، وتقطّع، وتسفلت شوارعها، وتباع مجزأة على المواطنين، وبعدها يتم اكتشافها وتهدم الإحداثيات، ويتم إزالة كل ما تم البناء عليه! وانتهى الموضوع. هل اعتداء بمثل هذا الحجم يكفيه الإزالة؟! هل سرقة في وضح النهار لمساحة تساوي بسعر اليوم ثروة لا تقل عن 2 مليار ريال يكفيها مجرد إزالة الإحداثيات بدون محاكمة وبدون عقوبة وبدون غرامات وبدون تشهير؟! ومن الجانب الآخر ما هو مصير المتورطين الذين اشتروا قطع أراضٍ من هذا الهامور؟! ومن سيقوم بتعويضهم، وكيف يتم غشّهم بدون محاسبة للسارق وبدون عقوبة رادعة؟! من الاستخفاف نشر مثل هذه الأخبار التي لم يُكلِّف الصحفي فيه نفسه البحث عن الحقيقة، لأن شخصا بمثل هذه القدرة شخصية غير عادية لها بدون شك أعوان ومساعدون استطاع أن يقوم بكل هذا التلفيق دون أن يكشفه أحد، وتم تنبيهه ثلاث مرات دون أن يمتثل للجهات المختصة، لذلك وصفتُ الخبر بالاستخفاف المزدوج.