في الأسبوع الماضي تلقيتُ دعوة كريمة من وزير العمل مع عدد من الكتاب وأصحاب الرأي لحوار مختصر؛ الهدف منه شرح وتوضيح أسباب إقدام الوزارة على وضع القرار القاضي باستيفاء مائتي ريال شهريًا عن بعض العمالة الوافدة موضع التنفيذ. وقد تفضل معالي الوزير بتقديم عرض مفصل ومدعوم بالإحصائيات عن حجم العمالة الوافدة وأعداد العاطلين عن العمل من أبناء وبنات البلد، وآثار القرار على القطاع الخاص. كما أفاد معالي الوزير بأن تنفيذ القرار مشمول بخطة تنفيذية فيها حوافز لأصحاب الأعمال الذين يُحقِّقون نسبا عالية في توظيف السعوديين إضافة إلى تحسين نظام الاستقدام. الأرقام التي استمع إليها الحضور مذهلة من حيث أعداد الوافدين (11 مليونا تقريبًا)، وكذلك أعداد العاطلين عن العمل (2 مليون تقريبًا) وآثارها الاقتصادية على المجتمع، وخطورة استمرار الوضع كما هو على أمن واستقرار الوطن. كما أن الخطورة في استمرار الوضع الحالي ليست مقتصرة على التوظيف، ولكنها تتعدى ذلك إلى عوامل أخرى منها مضايقة السعوديين الذين يرغبون الدخول في أعمال تجارية، ولكن المنافسة من خلال التستر الحاصل في أعمال المؤسسات الصغيرة، واستنزاف مليارات الريالات سنويًا في تحويلات للخارج؛ يحرم المواطن من فرص الانخراط في العمل التجاري، ومن فوائد تدوير الأموال -التي تذهب إلى الخارج- في قنوات الاقتصاد المحلي. هذه المواضيع سبق أن كُتب عنها عدة مرات، ولكن الوزارة -كما يبدو- تريثت حتى توفر لها معلومات وافية مدعومة بإحصائيات موثقة، حسبما ورد في العرض الذي قدمه معالي الوزير للحضور، وهي موجودة على موقع الوزارة لمن يرغب الاطلاع عليها. تساءل البعض لماذا المفاجأة..؟! وكانت إجابة معالي الوزير بأن قرار مجلس الوزراء صدر منذ فترة، ولكن وزارة العمل انتظرت حتى اكتملت الترتيبات اللازمة لتنفيذه، وأن العوائد المالية من جراء ذلك ستصرف على تأهيل عمالة سعودية لدخول سوق العمل. وحيث إن الحوار كان مقتصرًا على مناقشة قرار مجلس الوزراء رقم (353 بتاريخ 25/12/1434ه)، فإن هناك عدد من المواضيع ينبغي النظر فيها لعلاقتها بوضع العمالة الوافدة وآثارها على سوق العمل منها: 1- قبل فترة منعت الدولة الاستقدام من بنجلاديش.. ومنعت أيضًا نقل كفالات الموجودين منهم في المملكة.. علمًا بأن هناك أعدادا كبيرة في وضع عمالة متسيبة، وينبغي تصحيح أوضاعها، فلماذا لا يسمح لهم بتصحيح أوضاعهم بالانتقال من كفيل لآخر؟! 2- هناك عدد من المرافقين للطبيبات والممرضات لا يسمح لهم بالعمل ولا بنقل كفالاتهم، وهذا وضع غير طبيعي لأنهم سيضطرون للعمل بطرق غير رسمية، فلماذا لا يتم تمكينهم من العمل بطريقة نظامية إما عن طريق نقل الكفالة أو الإعارة؟! 3- تجديد الإقامات يتم لعام واحد فقط، بكل ما يترتب على ذلك من معاناة وازدحام وتكاليف على الوزارة والقطاع الخاص.. أليس من الأجدى أن يكون التجديد لعامين لأنه أفضل من كل الجوانب، وخاصة للعمالة التي لا تستغني الشركات والمؤسسات عنها؟! 4- لا شك أن ربط تجديد الإقامات.. ورخص العمل ونقل الكفالة.. بالتأمين والزكاة والدخل والتأمينات الاجتماعية.. فيه منفعة، ولكن التفعيل لا يتم بطريقة فورية، كما أن فعالية الشبكة ضعيفة جدًا وكثيرة التوقف وتحتاج لصيانة مستمرة.. وإعلام المستخدم بالعطل وإمكانية التأخير.. لماذا لا يتم توحيد كل هذه العمليات في موقع واحد تحت مفهوم الحكومة الإلكترونية، طالما أن العوائد المالية تذهب لمرجع واحد؟! 5- إن صدمة زيادة الرسوم أصبحت موضع جدل اجتماعي وتهديد من بعض رجال الأعمال بزيادة في الأسعار، وأنا أتفق مع الوزارة في هذا الموضوع، لأن مجتمعنا يحتاج لصدمات لافتة لكي يتنبه لمخاطر تزايد البطالة ومحاذير وتكاليف العمالة الوافدة؛ بما لها وما عليها قبل فوات الأوان. هذه بعض من أسئلة كنت أرغب طرحها على معالي الوزير، ولكن الوقت لم يسمح بذلك، وآمل أن تنال الاهتمام اللازم لصلتها المباشرة بتنفيذ القرار المذكور... والله من وراء القصد. [email protected]