كالعادة تُطالعنا الصُحف بقضايا ما تَلبث أنْ يَتوقف إلهامُها أو يَنقطع خَبرها تَقصيراً مِنها أو غفلةً مِنَّا، أذكر على سبيل المِثال ومنذ فترة كُنْتُ قد قرأت تَقريراً عن توصية أمام مَجلس الشُّورى يَنظرها، تُطالب بها الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء إجراء دراسة عنْ إمكانية تأخير وقت صلاة العِشَاء بحيث يكون بينها وبين صلاة المَغْرِبْ فُسْحَة مِنْ الزَمن يَسمح للناس مِنْ قضاء حوائجهم اليومية وواجباتهم الاجتماعية، وعلى الصعيد نفسه شهدت الساحات سجالاً بين العامة وفتاوىَ لعدد ليس بالقليل مِن كبار العلماء والفقهاء تَتَضَمَن جواز تأخير وقت صلاة العِشَاء شريطة أن لا يتجاوز مُنتصف الليل، وأنَّ تأخير صلاة العِشَاء جائز مِثلها مِثل صلاة الظُهر لحديثي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الأول خاص بصلاة الظُهْر، حدثنا أيوب بن سليمان بن بلال قال حدثنا أبوبكر عن سليمان قال صالح بن كيسان حدثنا الأعرج عبدالرحمن وغيره عن أبي هريرة ونافع مولى عبدالله بن عمر عن عبدالله بن عمر أنهما حدثاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (إذا اشْتَدَّ الحر فأبردوا عَن الصلاة فإنَّ شِدَّة الحَرّ مِنْ فَيحِ جهنم) والآخر عنْ صلاة العِشَاء فعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه)، رواه أحمد وابن ماجة والترمذي وصححه، كذلك مَا ورد عنْ عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: (أَعْتَمَ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بالعِشَاء، فَخَرج عُمَر فقال: الصَّلاة يا رسول الله، رَقَدَ النِساء والصِبيان، فَخرج ورَأْسُه يَقْطُر - يقول: لولا أنْ أشُقَّ على أُمَّتي - أو على الناس - لأمَرتَهُم بهذه الصَّلاة هذه الساعة) وذلك مِنْ باب الاسْتِحبَاب بل إن تأخيرها أي صلاة العشاء إلى آخر وقتها أفضل، وبالطَبع الاقتصاديين ورجال الأعمال وأصحاب المصالح أكثر الناس ابتهاجاً بِقرار كهذا يُمكن أنْ يَنعكس إِيجَاباً على الاقتِصَاد بِصفة عامة وقطاع الأعمال بِصفة خاصة، وبعيداً عن هذا وذاك فمَصالح الناس على المَحَك ومَناظر النِساء والأطفال جُلوساً على الأرصِفة وفي الرُدَهات، وأمام المحلاَّت، وفي الأسواق والمُجمعات التجارية والشوارع انتظاراً ريثما الانتهاء مِنْ الصَّلاة وفتح المَحال، يَستدعي ذلك مِنْ وليَّ الأمر التفضل بإقراره بعد إحالته للجِهات المُختصة لِبحث مشروعيته مِنْ النَواحي الفِقْهِية. dr.mahmoud @batterjee.com