صدر قبل أيام قرار وزارة العمل برفع رسوم تكلفة العامل الوافد من 200 ريال إلى 2400 ريال سنوياً، والهدف الظاهر منه هو رفع السعودة في القطاع الخاص، واشترط القرار أن أي شركة أو مؤسسة لا تحقق 50% من عمالتها سعوديين يطبق عليها القرار، وتجاهل القرار لحقيقة واقعية لا تحتاج لدليل أو إثبات وهي عدم استطاعة العاملين في مجالات المقاولات والتشغيل والصيانة والنظافة على التوطين بهذه النسبة 50% أصلاً، نظراً لعزوف الشباب السعودي عن العمل في هذه المجالات الصعبة والمناطق الوعرة والمهن المستحقرة منهم، وتحميل شركات المقاولات هذا الرسم المضاعف وتجاهل عدم قدرتهم أو استطاعتهم التوطين من الناحية الواقعية والعملية فيمثل القرار بذلك عقابا بغير ذنب وغرامة دون مخالفة، والدليل لديهم واضح أن جميع الشركات والمؤسسات تكافح للوصول إلى مستوى نطاقات الذي أصدرته الوزارة قبل مدة قريبة والذي يتطلب لشركات المقاولات تحقيق 7% من السعودة للوصول إلى النطاق الأخضر وإلا سوف تغلق جميع الخدمات على هذه الشركات ولا زالت أعداد هائلة من الشركات لم تستطع الوصول إلى هذه النسبة وبعض الشركات التي وصلت بالكاد لهذه النسبة هي عن طريق توظيف مهن غير منتجة وغير مطلوبة مثل الحراس والفراشين والطلاب وبعضهم يحصل على راتب لمجرد تسجيل اسمه، وبالتالي زادت البطالة المقنعة وقل الانتاج . منطق غريب.. وعدم اكتراث.. وضرر بالغ على الوطن والمواطن ومحاربة صغار رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات والشركات الصغيرة ليغلقوا أنشطتهم التي اجتهدوا في إنشائها لتكون مصدر رزق لهم ولأولادهم، وحتى لا يكونوا مع قوافل العاطلين عن العمل. وكذلك لهذا القرار أضرار كبيرة وقاتلة على جميع أنشطة القطاع الخاص والتي سوف تنتقل هذه الأعباء في النهاية على جيب المواطن شئنا أم أبينا، وكما سمعنا من معالي وزير العمل أن جباية هذه الرسوم لن تدخل لوزارة المالية وإنما سوف تعتبر إيرادا لوزارته ويصرف منها على أنشطتها وأي أنظمة جديدة تبتكرها الوزارة. كما أن خزينة الدولة سوف تدفع مبلغا لا يقل عن 17 مليار ريال من جراء هذا القرار، حيث أن نظام المشتريات الحكومية نص في مادته رقم 43 ما نصه (عند تعديل التعرفة الجمركية أو الرسوم أو الضرائب أو المواد أو الخدمات المسعرة رسمياً بالزيادة أو النقص تزداد قيمة العقد وتنقص بمقدار الفرق الناتج عن الزيادة). وبالتالي فمن حق جميع المقاولين والموردين والمتعهدين.. إلخ؛ مطالبة وزارة المالية على جميع عقودهم السابقة لهذا القرار بدفع هذه الرسوم، ولو فرضنا أن العمالة الوافدة في حدود 7 ملايين كما تحددها الإحصائية بحسبة بسيطة من 2400 ريال للعامل سوف تكون النتيجة حوالي 17 مليار ريال سنوياً، أما العقود الجديدة سواء كانت للدولة أو المواطنين فسوف يضيفها في تسعير عقوده على قيمة العقد. وبالتالي ادخل البلد هذا القرار في تجاذبات وتظلمات وقد يدخلها في رفع آلاف القضايا . كان أولى بوزارة العمل أن تضع بمساعدة أهل العلم والاختصاص مشروعاً قومياً للتدريب والتأهيل وإيجاد الكوادر في المهن التي يعاني سوق العمل من نقص أو انعدام للكوادر الوطنية فيها كحل يؤتى ثماره على مدى معقول بدلاً من اتخام المقاولين وإثقال كاهلهم والضغط عليهم لدفع مبالغ ضخمة لا تصب في مصلحة الهدف الذي من أجله فرضت هذه الضريبة. م/ سعد المبطي- أبها