نحتاج لبيان رسمي، أو مؤتمر صحفي، يصدر عن هيئة مكافحة الفساد (نزاهة) يوضح لنا، وللمجتمع السعودي، ولكل العالم سبب تراجع المملكة في مؤشر الفساد العالمي هذا العام تسع مراتب دفعة واحدة، قد يكون هناك خطأ في البيانات، كما أشيع، أو سوء فهم كما نتوقع، أو أن المنظمة لم تعرف مَن نحن؟! أو أنها للأسف لم تتابع الحملة الإعلانية الواسعة والشرسة من نزاهة لمحاربة الفساد. في 17 نوفمبر من هذا العام، أصدرت منظمة الشفافية الدولية، التابعة للأمم المتحدة، تقريرها السنوي عن مؤشر الفساد في العالم، والذي يغطي 180 دولة في العالم، وفقًا لمقياس تصاعدي يتدرج من الصفر إلى مائة درجة، وتقوم بنشره كل سنة منذ العام 1995 وفقًا لتحليل مجموعة دولية من رجال الأعمال والخبراء والجامعيين. تصنيف دولي مثل هذا يصدر من أكبر هيئة في العالم، تتلقفه أجهزة الإعلام بشوق، وتضع بموجبه كل الحكومات العدوة والصديقة إستراتيجية التعامل معنا، وتستند عليه كل التقارير الاقتصادية والتجارية التي يبني عليها المستثمرون ورجال الأعمال قرارهم عند التعامل معنا. التقرير، غير السعيد، يبنى على مؤشرات علمية دقيقة، ولا يتحدث عن شائعات، ولا يمكن أن يورط نفسه بدون وثائق يستند عليها، ومعايير يحتكم إليها، لأن كل دولة متضررة من هذه التهمة، تستطيع أن تفتح عليه أبواب جهنم، فإن لم يكن مستعد قانونيًّا، فإن قضية واحدة تكسبها دولة ضده، كفيلة بأن تجعله يغادر لمثواه الأخير فورًا. تزامن تراجع ترتيب المملكة، في عام واحد، عكسيًّا، مع ولادة هيئة مكافحة الفساد، في نفس العام، يقضي على كل الأحلام السعيدة التي داعبت خيالنا عند إنشاء الهيئة، ممّا يجعل تقرير الشفافية الدولية أكثر سخرية، وأكثر إحراجًا، فإذا كان التصنيف خطأ مطبعيًّا يجب أن تقوم الأممالمتحدة بالتعديل المطلوب فورًا، وتعلن التصنيف الصحيح فورًا، وتصحح معلوماتها للعالم، وتعيد لنا ماء الحياة في الوجه، وإذا كان صحيحًا -لا سمح الله- فعلى هيئة مكافحة الفساد، أن تعمل مع هيئة الأممالمتحدة جنبًا لجنب لتزويدها بكل البيانات المطلوبة، وتطبق كل المعايير المستخدمة، لانتشال المملكة من التراجع للتقدم في عام 2103.