القرآن الكريم كله إعجاز.. كلماته, آياته, سوره. فالقارئ لكتاب الله عز وجل يجد بين حين وآخر معاني جديدة وحكمًا كثيرة وكنوزًا مكنونة. وينبهر المرء ببلاغة هذا الكتاب العزيز ولغته الجميلة, ويقف عند متشابهه وقفات متأنية. وهو علاج لكل داء والطمأنينة من كل خوف, وفي آياته ما يذهب الهموم, ويقوي العزيمة ويجدد الآمال. فمن أراد الخير فعليه بالقرآن, ومن أراد عز الدنيا فعليه بالقرآن, ومن أراد النجاة في الآخرة فعليه بالقرآن, ومن أراد السعادة في الآخرة فعليه التدبر بالقرآن الكريم والعمل بما جاء فيه, وتلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضي رب العزة والجلال. عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن هذا القرآن هو حبل الله المتين, وهو النور المبين, والشفاء النافع عصمة لمن تمسك به) ويؤيد هذا القول كتاب الله تبارك وتعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا) آل عمران آية 103, وقوله تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) الإسراء آية 82. فإنه لا يخفى على ذي البصيرة ما لحكومة خادم الحرمين الشريفين من أيادٍ بيضاء للاهتمام والعناية بالقرآن الكريم حفظًا وتجويدًا وتفسيرًا. فكلنا نقرأ ونسمع دائمًا عن المسابقات المحلية والدولية بداخل البلاد وخارجها. فكل الحب لهؤلاء العاملين الذين قاموا ويقومون بتنظيم هذه المسابقات القرآنية ويعملون منذ سنين كثيرة بصمت تام، حتى أصبح لهذه المسابقة أصداء واسعة في كل ركن من أركان عالمنا الإسلامي. إن هذه المسابقة السنوية التي تجمع شباب القرآن لها فوائد عديدة ومن أهمها: التعارف بين المتسابقين بعضهم بعضًا، والتباحث بما يهم المسلمين بأمور دينهم ودنياهم، والتنافس الشريف في كتاب الله الكريم وعلومه، هذا جانب والجانب الآخر وهو الأهم: تلاوة القرآن العظيم وتدراسه وتدبره والتلذذ بحلاوته، والتأمل بآياته الكريمة، والاستنباط بمعانيه الغزيرة. وهذا كله بحد ذاته مكسب إسلامي كبير يدعو للفخر والاعتزاز, لأننا بحاجة إلى هذا الاعتصام والترابط الأخوي المعروف عن المسلمين سلفًا, وهذا الشمل المبارك تحت ظلال القرآن الكريم لهو شيء طيب ومسر للقلب وجميل جدًا، ويحث عليه المولى تبارك وتعالى في كتابه العزيز مرارًا وتكرارًا بقوله جل وعلا: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) الحجر آية 9. وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله, يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة, وذكرهم الله فيمن عنده" رواه أبو داوود. وفي الوقت نفسه نحيي المتسابقين ونقول لهم أهلًا بكم في الحرمين الشريفين، في بلدكم الثاني، بين أهليكم وذويكم أهلًا بكم جميعًا ضيوفًا أعزاء، ختامًا نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ونور قبورنا وجلاء أحزاننا وهمومنا.. آمين.. والحمدلله رب العالمين. [email protected]