هو في رأيي شخصٌ يُحب التفتيش عن ما ينغّص حياته ومُحيطه، والتنقيب عن وسائل إزعاج، ولا يشعرُ بالراحة إلا في وجود بَواعث المشكلات، وعوامل التكدّر، فيُحيل صفْو حياته وحياة غيره كَدَرا، ويُسيء الظن لدى تعامله مع الناس. شخصٌ كهذا من المؤكّد إصابته باضطراب في الشخصية، واكتئاب مزمن، وهوَس مَرَضي، أو وهْم خطير، وتشاؤم بغيض، أو عُقَد نفسية وتربوية، أو أنه بكل بساطة يعشق العِناد ويقتات على المنغّصات، فتجده مُتجهّم الوجه، يتعامل مع الآخرين بتطرّف سلوكي، فإما مع وإما ضد، لا يتقبل آراء الآخرين، ويأخذ الأمور على مَحْمل شخصي، ينفعل بشكل سَلْبي عِوضا عن تفاعله الإيجابي، ينظر إلى نصف الكأس الفارغ، وهو زاخرٌ بمشاعر الحسَد والغضب، غير متسامحٍ مع نفسه، ساخطٌ على أحواله، دائم الشكوى، يتأفّف من كل شيء، يجعل "من الحبّة قُبّة"، يحوّل الفرح إلى ترح، يُحب القيل والقال، ويتصيّد أخطاء الناس، ولا يراعي أحوالهم، ولا يقبل أعذارهم، ولا يتسامح معهم، تَسهُل عليه الإساءة للآخرين، والتفوّه بألفاظ قاسية جارحة، تنشر التوتّر، وتسبب انخفاضًا في المعنويات، وتقلب الهدوء إزعاجًا، والرحمة غِلظة. وقد يتظاهر بالنكَد خوفا من توهّمه حسَد الناس له، أو لإلهائهم عن حقيقة فشله في علاج مُشكلاته السلوكية، أو لرغبته في لفت أنظارهم، وابتزاز عواطفهم، واستجداء اهتمامهم، لكن في خضمّ هذا السلوك غير الصّحي، ينسى "النكَدي" أن الناس لا يتحمّلون التعامل معه بنمط حياةٍ كهذا فترة طويلة، فلا يلبثون أن يهجُروه ونَكَده، ويبتعدوا عن الضّيق الذي يُسببّه لهم، والطاقة السّلْبية التي يولّدها في أجوائهم، والتوتر الذي ينشره مِن حولهم، فخيرٌ له أن يُسارع إلى علاجِ نفسه، رأفةً بها ورحمة بغيره، والاستماع إلى النصح بعرْض حالته على طبيب أو اختصاصي نفسي، للتعامل السّليم مع مُشكلاته، والتغلّب على أساليب حياته المرضية، والتخلّص من هالة النكَد التي تُحيط به، وتضرُّ بنفسه وبمن يحاول الاقتراب منه. [email protected]